عند وفاة اي مثقف بهذه الربوع نسجل الكثير من بكائيات العوام ومبالغاتهم.. وكانهم يريدون التكفير عن جلافتهم مع من ارتحل للتو بعد ان ساموه سوء العذاب.
القاسم المشترك بين المثقفين هنا ..هو انكسارهم الداخلي فكلهم مطوق بالحسد.. وبهستيريا اصحاب الصيت الكاذب.. وكراهية الدجاجلة والحواة.. ومرقصي الثعابين.
كلهم مساكين ..انهكتهم الاخلاق ..ودمرتهم المبادئ..!
لن اذكركم بالموتى فحسب لازعاجكم..وانما لكي تمعنوا النظر في ضراوتكم معهم حين كانوا من بين الاحياء..!
لقد سعى جمال ولد الحسن الذي يتباكى جل اهل موريتانيا على شبابه بتحسر شامل ومكتمل.. الى الحصول على وظيفة مدير مساعد للمدرسة الوطنية للاساتذة…!
ولم يتمكن من الفوز بذلك المنصب السخيف..!
ذهب لتنصيب الهياكل في البراكنة..وابتلع الكثير من كبرياءه..ولم يؤخذ تواضعه في الحسبان.. فقد كانت مواهبه مستفزة للعوام..ومزعجة لاصحاب الصيت الزائف..
فلملم ظلاله ورحل…!
اعتقل قبله احمد بابا مسكة..وأذل..وتشكلت لجنة من المثقفين لمساعدته والتضامن معه …واقيل كل افرادها…وعوقبوا بقسوة ومن يشكك في ذلك فلينظر مذكرات عبد الله ولد ابنو..!
الحقيقة لم تكن موريتانيا قادرة على تقبل احمد بابا لغرابة افكاره..وجسارة تعابيره..وكان حضوره مؤرقا للبيروقراطية المحيطة بدوائر الحكم.
وخرج احمد بابا من السجن دون محاكمة..فجمع اكمام دراعته عليه..وراح يبحث عن من يساعده في تدمير البيت كله على من فيه..!
لقد كان صايدو كان او سعيد ولد عالي دندو مثقفا من طراز نادر..شأنه في ذلك شان تين يوسف غي..وقد بكى عليهم الجميع.
لكن ما لا يعرفه الكثيرون هنا: ان سبب البلوى التى حلت بهما تعود في جزء منها لمنافسة جهال التكرور لهما..
على الصيت والمكانة ..
فسعوا للوقيعة التي لا يليق تلخيصها في سطر او سطرين.
الآن يسطرون بكل اللغات عذب الثناء على عبد الله سيريه باه..
وكأنه لم يكن بيننا..
ونسوا انه.. رغم كل مواهبه الواضحة المعالم.. لم يتجاوز مرتبة محرر في الوكالة الموريتانية للانباء..؟
ولنذهب الى الاحياء…
تخيلوا معي ان موسى ولد ابنو مات…
او ان مبارك ولد بيروك غادر الدنيا..
فماذا سيكتب اهل نواكشوط ..؟
ستكتشفون ان اهل نواكشوط يقدسون موسى الى
اعلى درجات الوله ..!
ويتعشقون مبارك الى ارفع مراحل الهيام.
الحقيقة الصلعاء : ان هذه المراثى في جلها تكفير عن موبقة الحسد.
والا فكيف نفسر الصدود تجاه الحي والغرام بالميت…؟
شعب النيكروفيلليا..لا يستطيع بناء الحضارة لأنه لم يتحرر بعد من غلواء الانفس الضيقة.
لهذه الاسباب لم تتبلور المعارف بشكل لائق.. ولا ادل على ذلك من شح نتاج الموريتانيين في كل ميدان وهو شح لا يتماشى مع المستوى المتراكم من المعارف ولا مع قرائح العباقرة المطوقين بمجتمع ناكر وحقود.
رحم الله من مات واطال الامد بالاحياء.. وساعدهم على صد كيد الحواسد..وأدران القوم الهمل الحانقين.
