sliderتقارير

الشراكة الموريتانية الأوروبية حول الهجرة، عطاء من لايملك لمن لايستحق

الحرية نت – يسعى الاتحاد الأوروبي منذ فترة لخلق كانتونات كبيرة لاحتجاز المهاجرين القادمين من افريقيا جنوب الصحراء، وقدم في سبيل ذلك العديد من الاغراءات المادية، مقابل التوطين ومنح المهاجرين كافة الحقوق التي تكفلها الدول لمواطنيها بما في ذلك الحق في التعليم والولوج إلى المرافق الخدمية الأخرى.

إتفاقية الشراكة التي قادت (أورسولا فون دير لاين) رئيسة المفوضية الأوروبية و(بيدروسانتشيث) رئيس الوزراء الإسباني إلى زيارة نواكشوط في طائرة أقلتهما وكان في استقبالهما رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، لم تكن ارهاصاتها وليدة اللحظة، فقد نضجت على نار هادئة في انتظار الوقت المناسب لتقسيم القصعة.

هناك من يرى أن الدبلوماسية الموريتانية واكبت تلك العملية في فترة معينة عندما كان أحد الأنظمة السابقة قاب قوسين من التوقيع بالأحرف الأولى على نسخة تم تحيينها لاحقا، ذلك لأن النظام المذكور كان يبحث عن اعتراف دولي صعب بنظام أطاح برئيس منتخب.

لكن العارفين بالمطبخ السري لصانعي القرار في بروكسل، يرفضون لصق خطيئة القبول بتوطين المهاجرين للنظام المذكور، ذلك لأن الأوروبيين ما كانوا سيتمهلون طوال هذه الفترة دون الحصول على موافقة نهائية تمكنهم من تحقيق نصر دبلوماسي يوازي في محصلته انتزاع جزء من سيادية بلد مستقل لصالحهم.

بولي هوندونغ: انتزاع الصلاحيات

التخبط الغامض للأنظمة الموريتانية الذي جعل العديد من الرؤساء يحصلون على قروض بعيدة الأمد، ويمررون اتفاقيات تتجاوز مدتها مأمورياتهم الرئاسية، هو ما مكن هذه الحكومات من التوقيع على اتفاقيات مجحفة دون العودة إلى البرلمان، وذلك بعد تعديل القانون الذي يلزم الحكومة العودة إلى ممثلي الشعب، هذا التعديل تم بأمر من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، من أجل تمرير صفقة (بولي هوندونغ) سيئة الصيت، والتي أجازها مجلس الوزراء في نازلة انتزعت من البرلمان صلاحياته.

عودة إلى الاتفاقية التي تراجعت الحكومة الموريتانية عن نقاشها يوم أمس الجمعة بواسطة نظام (الفيديو كونفرانس) مع الاتحاد الأوروبي، تضمنت العديد من البنود التي لو تم تمريرها دون ادخال تعديلات عليها لجعلت من موريتانيا موطنا ليس للمهاجرين فحسب بل لكل من يطمح في دخول أراضيها من دول جنوب الصحراء ذلك لأن الاتفاقيات الثنائية التي تسمح لمواطنينا بحرية التنقل داخل هذه البلدان ستجعل من نواكشوط وجهة استقرار تشجعه الحقوق التي يكفلها إعلان الشراكة حول الهجرة بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والاتحاد الأوروبي، التي من أهم بنودها:

مكافحة شبكات تهريب البشر والمهاجرين العابرة للحدود، مع بذل جهود مستمرة لاستقبالالمهاجرين واللاجئين من جنوب المنطقة وحمايتهم؛

إدراج اللاجئين في النظام الوطني للتعليم وفي أجهزة الحماية الاجتماعية

تبادل المعلومات ووجهات النظر حول التشريعات والسياسات وأفضل الممارسات، واستكشافإمكانيات التعاون الملموس بشكل دائم، وصياغة التوصيات السياسية والعمليات، والعمل علىتقدم الإجراءات في البلاد ” في المجالات ذات الأولوية التالية :

تحسين القدرات والكفاءات المتعلقة بالمهاجرين والشباب، وخاصة الشابات المتكيفات معسوق العمل.

تعزيز الوصول إلى التمويل والائتمان الأصغر، من خلال تكوين واحتضان المشاريع.

تعزيز قدرات تحديد الهوية وتسجيل وتوثيق طالبي اللجوء في موريتانيا، مع ضمان احترام إطارالحماية الدولية.

تعزيز قدرات الاستقبال والمكافأة للمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في إطار احترام حقوقالإنسان ومع إيلاء اهتمام خاص للفئات الأكثر ضعفاً.

تعزيز الوصول إلى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للاجئين وطالبي اللجوء والمجتمعاتالمضيفة وتعزيز الحلول الدائمة بما في ذلك مسألة إدماج اللاجئين، من أجل تعزيز التماسكالاجتماعي، عبر الإنترنت من خلال التزامات موريتانيا في إطار منتدى مونديال اللاجئين 2023.

دعم شبكات الشتات وإدماج المهاجرين النظاميين في بلدان المغرب وتسهيل الإقامة، بما فيذلك ما يتعلق بتحويلات الأموال، لصالح التطوير الدائم لأراضي المنشأ والمقصد

تعزيز العودة وإعادة القبول وإعادة الإدماج بشكل دائم في ظل احترام الحقوق

إن أحكام الإعلان الحالي المشترك وقانون الطريق لا تهدف إلى إنشاء حقوق أو التزامات قانونيةذات صلة بالقانون الدولي أو الوطني، ولا تؤدي إلى إنشاء آثار مالية لكل منطقة.

ورغم الامتيازات الضئيلة التي ستحصل عليها موريتانيا من الاتفاقية، فإن تأثير استقبال وتوطين الأجانب سيكون بالغ الضرر في الأمدين المتوسط والبعيد، ذلك لأن موريتانيا التي كانت تعاني خللا ديمغرافيا قبل ضبط الحالة المدنية ستجد نفسها في وضع لاتحسد عليه من تدفق اللاجئين المحميين باتفاقيات دولية ملزمة.

وبالتالي ليس أمام الحكومة الموريتانية سوى أن تحذو حذو الجزائر وتونس اللتان رفضتا نسخا معدلة من هذه الاتفاقية، وإعادة صلاحيات المصادقة على اتفاقيات سيادية تتجاوز آجالها مأموريات الرئيس المنتخب إلى البرلمان، وهو أمر بطبيعة سيحد من الأخطاء الكارثية التي ستدفع الأجيال القادمة ثمنها.

الحرية نت

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى