هاشتاق

كلمة الأستاذ محمد غلام ولد الحاج الشيخ عن “الخطاب الشرائحي”

كانت كلمة الأستاذ محمد غلام ولد الحاج الشيخ عن “الخطاب الشرائحي” “كِلْمَةً بها كلام قد يؤم”، فهي تُمثّل المنهجَ الإسلاميَّ الوسط، الذي لا وكس فيه ولا شطط، قبل أن تغشاه غواشي “الشرائحية ونواسخها”، وقد رصّعها بلآلئَ حسان من جواهر الأدلة، ونفائس الحكمة، وروائع المباني والمعاني التي تعبر عن عقلانية المتكلم، وحفظ المحدِّث، وفقه الفقيه، ورقة الأديب، وخيال الشاعر..ولا غرو أن كان غلام لسان الحركة الإسلامية الناطق، وبنانها الكاتب، وصوتها المسموع، ولواءها المرفوع، فهو ابنها الناشئ في ربوعها، الآكل من ثمارها، الشارب من لبانها، المتمتع بهوائها، فكلامُه فيها لفظ مفيد مستقيم، وقد أحسن الحديث حين تحدّث عن موضوع النسب والحسب، ففصّل وأصّل، وأجاد وأفاد..
ولا عجب أن سلقه “الشرائحيون” بألسنة حداد، وأساءوا إليه بألفاظ غلاظ شداد، فقد دحض حججهم، ودمغ بالحق باطلهم، وأتى على بنيانهم من القواعد فخرّ عليهم السقف من فوقهم..
لقد ناب محمد غلام عن مطلق الإسلاميين في كلمته، وعبّر عن الذي تؤمن به جماهيرهم العريضة وعامة عمومهم، ولا يضره أن وقع “استثناء منقطع” أخرجت به “إلا” أفرادا وآحادا شذُّوا عن القاعدة، وخرجوا على الجماعة، ولولا أنهم كانوا “مبتدأَ” الحزبِ “وفعله” لما كان لذلك المبتدأ خبر، ولا لذلك الفعل فاعل..
لقد كان من حسن حظ غلام أن سادة وقادة “الشرائحية” مدحوه حين عيّروه بأنه إمام، وزكّوا خطابه حين اعتبروه خطابا دعويا، وذانك برهانان على صدق حديثه، فخطابه الدعوي، وإمامته للصلاة هما اللذان ارتفع بهما ذكره، وعلا قدره، وكان رجلا سَلَمًا للخطاب الإسلامي، ليس فيه شركاء متشاكسون..
قد يختلف الناس مع غلام وقد يتفقون، ولكنهم جميعا مجمعون أنه رجل نيّر البصيرة، نقيّ السريرة، يقظ الضمير، جيّاش العاطفة، قويّ الحماس والغيرة لما يؤمن به، رقيق المشاعر، أديب أريب..
و”ذَمُّه” بالإمامة والدعوة داخل فيما يسميه البيانيون “تأكيد المدح بما يشبه الذم” على حد قول الشاعر:
ولا عيب فيهم غير أن نوالهم * على الجار جار ليس ينقصه المحل.
وإمامته ودعوته هما اللتان عصمتاه من “زيغ الشرائحيين” ووقتاه من أن تزل قدمه، أو يضل فهمه..
وله حين يقرأ ما عيّره به الشرائحيون أن يقول بملء فمه، وأن ينشد بأعلى صوته قول البحتري:
إذا محاسني اللائي أُدِلُّ بها * كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر
عليّ نحت القوافي من معادنها * وما عليّ لهم أن تفهم البقر..

سيدى محمد أيده

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى