sliderمقالات ورأي

الجريمة الشبابية… من المدان؟…الحلقة(١)/المحجوب ولد السالك

لا يعدم المتتبع لجرائم القتل و السطو في بلادنا بعض الأسباب المباشرة التي باتت من المستهلك لدى أجهزة الأمن و هي تشرح دوافع و خلفيات الجريمة على ألسنة المسؤولين و من أبرز تلك الدوافع وجود المجرم تحت رحمة مؤثر عقلي ، و هنا يبدو الأمر كما لو كان تعاطفا مع المجرمين كونهم ضحايا مؤثرات عقلية…كلا لا براءة لسكير !!!.. الموقف السابق يذكرني بقصة موريتاني مغترب كان قد تعرض له رجل سكران من الدولة التي يقيم فيها ،فقام صاحبنا برد قاس على الشخص السكران و أشبعه ضربا حتى أشفاه على الموت ، و بما أن تلك الدولة تعتبر السكران بريئا معفى من العقوبة بقوة القانون لأنه غائب الوعي ؛ فقد كان الموريتاني ينتظر حكما قاسيا و مع ذلك استطاع ببراعة دفع العقوبة بعد أن أقنع القاضي أنه هو الآخر كان تحت تأثير السكْر ؛فتم حفظ القضية و غادر بألف خير!!

لقد كانت آثار جريمة اغتيال أستاذ يمشي بين البقالة و منزله المجاور رجة مؤلمة كسابقاتها و إن اختلفت أعمار الضحايا و طرق التنفيذ فالنتيجة واحدة و هي إزهاق أرواح بريئة..لا شك أن هذه الظاهرة المقلقة ذات المنحى المتصاعد تدعو إلى التأمل و البحث في الأسباب التي تتدرج ثم تتداخل حسب الأهمية و الخطورة …من المدهش في هذه الجرائم أن مرتكبيها لا يمتلكون أدنى مستوى من التربية و الخلق و الإحساس الإنساني حتى بمقاييس الإجرام خذ على سبيل المثال: قتل أستاذ أشيب يحمل طعام أبنائه ..قتل عجوز تدرس القرآن ..اغتصاب و حرق طفلة صغيرة !!!…و القائمة تطول.

لا شك أنه مع كل جريمة من هذا النوع يكتسح إثم المسؤلية الكبرى المجتمع بأسره ..إذ كيف فشل الجميع في لجم الجريمة الشبابية..إن المنكوبين بهذا الجرم و المدانين به أخلاقيا كثر و على رأسهم عوائل الجناة ذلك أن التربية الأسرية الفعالة هي الضامن السلوكي الأول الذي لا تفتأ تجارب الحياة إيجابية كانت أو سلبية تختبر مدى استعداده لسلوك الفرد هذا الطريق أو ذاك و الحقيقة المؤلمة أن هذا الدور يبدو ضعيفا و مهزوزا الآن ، بل غائبا و سلبيا في بعض الحالات.

هذا الوضع يستدعي من الدولة و المجتمع إحياء دور الأسرة بوصفها أهم المؤسسات الاجتماعية و إعادة الاعتبار للأسرة الكبيرة لتستفيد من قدواتها و تأثيرهم الإيجابي على بقية الأفراد آباء و أبناء عن طريق إحياء قيم البر و النصيحة و التواصل الدائم فالتربية الأسرية لا يمكن لا تعويضها و لا تقويضها إن هي استوت و استقرت؛فلقد رأينا أسرا كثيرة عاشت الفقر المدقع و عاش أبناؤها و بناتها الجهل و الحرمان و مع ذلك لا تجد من بينهم لا سارقا و لا قاتلا ،و بالمقابل رأينا أبناء رجال أعمال، و وزراء، و رؤساء تلاحقهم لعنة الإجرام أينما حلوا ، و بعد تفعيل دور الأسرة ، يجب تفعيل دور الجيران ليكون الجار وصيا و عينا لجاره على البيت و الأبناء؛و بهذا الخصوص يلزم الحكومة أن تعلي من شأن قطاع الأسرة و تمنحه الوسائل اللازمة و عليها أن تستعد لاستقبال أعداد كبيرة من أطفال الشوارع فهناك أسر تخلت عن أبنائها منذ بعض الوقت …و لكم أن تتصوروا أن هذا الشباب الضائع هو من سيربي أجيال المستقبل و هو من سيسير البلد بأكمله !!! باختصار شديد فإن صلاح الأسرة يعني صلاح المجتمع و فسادها يعني فساد كل شيء .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى