sliderتقارير

الأستاذة سندريللا مرهج والسياسة : تعليق جزئي على قرار قضائي

.بتاريخ ٩/١٠/٢٠٢٣ قدّمت أمام المحكمة الجنائية المختصة بالجرائم المتعلقة بالفساد في #نواكشوط مرافعة جزئية بموضوع وجوب قبول لائحة شهود نفي بعدما أفسحت لنا المحكمة المجال للكلام وبعد انسحاب هيئة الدفاع في جلسة ماضية.

في التاريخ عينه، قررت المحكمة رفض الطلب وورد في حيثيات القرار ما وجَدته “عدم جدية” طلب الدفاع إذ ان البعض سماه طلبا اضافيا والبعض سماه حدثا عارضا…

فوجئت شخصياً بالتعليل القضائي للقرار بمجمله ولم أُفاجأ بالقرار.

تعجّبت لا سيما للناحية هذه في التكييف القانوني لطلب الدفاع والنتيجة التي وُصّف فيها بعدم الجدية بسبب تعدد العناوين الشكلية ( وهذا ليس الحال )

على الرغم انه لا اختلاف لا في النوع ولا في التسمية ولا في المضمون.

نجد أنّ القرار القضائي موضوع التعليل أخطأ في تلقّف القصد من “الحدث الطارئ” الذي طرحتُ والذي يتمثل حصراً في #قرار رفض المحكمة طلب لائحتي الشهود الخطي دون سند واقعي وقانوني والقرار الثاني الشفهي في جلسة ٤/١٠/٢٠٢٣ الذي اكد على القرار السابق والذي رفض الاستماع وتسجيل الطلب الجديد، الجلسة التي انسحبنا منها حينما رفض رئيس المحكمة تسجيل الطلب والاستماع الى لائحة شهود كان يتلوها الزميل المامي، انسحبنا لانتهاك حق ودور دفاع.

حدث طارئ بامتياز، يستوجب من الدفاع المهني الأمين تأكيد طلبه أمام المحكمة عينها والطلب منها مجددا التداول فيه بغية اصدار قرار خطي يكون قابلا للاستئناف والتمييز وهذا ما

حصل عند انسحاب المحكمة للتداول واصدار قرار بالاجماع برفض الطلب.

والقرار الخطي ما كنا نبغاه.

أمّا القرار موضوع التعليل فأتى في طياته معتبراً ان ما ذكرناه بمصطلح “الحدث الطارئ ” هو عنوان الطلب، وما تلقّفته المحكمة لهذه الجهة خاطئ وليس ما ورد على لساننا وليس المقصد القانوني .

في نقطة قانونية أخرى،

تغاضى القرار الصادر في ٩/١٠/٢٠٢٣ في ما خلص اليه “بعدم الجدية لتعدد نوع الطلب او تسميته او وصفه،

قاعدة هامَة في حق الدفاع وهي الحق المطلق للمتهم ودفاعه بتقديم ما يشاء من طلبات وأن يقدم الاسناد القانوني الذي يراه مناسباً،

وعلى المحكمة الرد على الطلبات كلٌ على حدة، ولا يلزم الدفاع بتوحيد الوصف القانوني للطلب بل مضمونه، و يعود للقاضي وحده صلاحية اعطاء الوصف القانوني الصحيح للوقائع والطلبات.

انه اسلوب دفاع تخصّصي معتمد في القضايا الجنائية الهامة وقائعها ومسائلها القانونية، والتي يختار فيها المتهم توكيل محام واحد أو حتى أكثر من محام، ولئن كان ذلك يربك المحاكم في مجهود إضافي بالبحث القانوني للبتّ، وهذا ليس شأناً على الدفاع مراعاته، وليس محلّا للتعيير من جانب المحكمة أو أي كان.

وهنا تجدر الاشارة ان دفاع الرئيس #محمد_ولد_عبدالعزيز انتهج هذه الاستراتيجية منذ اليوم الاول في تقديم دفوعه والتي استند فيها الى دفوع دستورية وشكلية ونظام عام وعدم قبول وغيرها والتي ضُمّت الى الاساس ما يوجب الرد القانوني عليها كلاّ على حدة فيما اذا تمسّكت المحكمة بواجب “التعليل القانوني”.

للأمانة المهنية ولاني لا اعرف ماذا تم تدوينه في محضر المحاكمة من المرافعة،

ونزولا عند رغبة عمداء وزملاء

وصحافة، انشر ما جاء في المرافعة.

“السيّد الرئيس

السادة القضاة أعضاء المحكمة الموقرة حضرة وكيل الجمهورية المحترم ..

إنّ المسألة المثارة أمام محكمتكم الكريمة من جانب الدفاع بموضوع استدعاء شهود، على قدر كبير من الأهمية الواقعية والقانونية لما تحمل في طياتها من سببين ونتيجتين في آن واحد

الأولى : احترام قاعدة تكافؤ الفرص بين الأطراف بمن فيهم المحكمة, الطرف المحايد

الثانية : صلاحية وأهلية المحكمة في صَون حقوق ودور الدفاع في محاكمة عادلة .

الإشكالية القانونية المُثارة هي:

أولاً : مدى توافر حق الدفاع في تقديم لائحة شهود نفي في أي وقت من أوقات المحاكمة قبل اختتامها

ثانياً: مدى توافر صلاحية المحكمة في رفض لائحة شهود النفي ما يُبحث يتناول حدثاً عارضاً نصّت عليه المادة 286 من قانون الاجراءات الجنائية.

إنّ القانون هنا لم يحدّد مفهوم الأحداث العارضة، لكن في الاجراءات الجنائية قواعد عالمية Règles Universelles التزمت بها الدول ومنها:

“أنّ تقديم لائحة شهود النفي من جانب المتهم حقّ لا يُتنازل عنه الا برضى المتهم وعلى المحكمة ان تتمسّك بالحفاظ عليه”.

إنّ المبتغى من الشهود الذين يقدمهم المتهم هو على عكس ما الادانة التي يريد الطرف المدني او النيابة العامة احقاقها.

يتمسك المتهم اي متهم في وسيلة دفاع لنفي التهمة عنه اوإثبات عدم صحة أو صوابية ما ورد على لسان أي من الشهود الآخرين سواء كانوا شهود ادعاء او شهود محكمة، او لاثبات عدم صحة الملاحقة والاسناد والادعاء او ان التحقيقات لم تكن مكتملة أو على قدر من المهنية والتخصّص.

اذا رفض القاضي قبول واستدعاء الشهود الذين يعينهم المتهم في أي مرحلة ووقت قبل اختتام المحاكمة يكون بذلك قد انتهك حق المتهم بالمحاكمة العادلة، والقرار المتخذ في هذا الصدد مفسوخ حتماً من محكمة التمييز.

تنصّ المادة ٨٠ من الدستور الموريتاني على تراتبية وهرمية قوة القوانين.

صادقت الجمهورية الاسلامية الموريتانية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في ١٧ تشرين الثاني ٢٠٠٤

وصادقت على العهد الافريقي لحماية حقوق الانسان والشعوب في العام ٢٠٠٥ ومنذ ذلك الحين أصبح القاضي الموريتاني ملزماً بتطبيق قواعد العهدين الدوليين المذكورين بشرطين:

-الأول: عند غياب ادراج القواعد المنصوصة في العهدين بالقوانين الداخلية

-الثاني : عند تعارض قواعد القانون الداخلي مع قواعد العهدين المذكورين عندها يضع القاضي جانباً قواعد القانون الداخلي ويطبق العهدين الدوليين سنداً للمادة ٨٠ من الدستور التي سبق وذكرناها.

وهنا تجدر الاشارة ان قواعد العهدين يتوافقان تماما ولا يتعارضان في اي من بنودهما بل ان نصيهما في تناغم مطلق Harmonie Absolue وفي مسألة الشهود، المادتين ١٤ من العهد الاول و٧ من العهد الثاني تتوافقان على حق المتهم بالشهود.

وهنا، نؤكد وسنداً لاجتهادات جنائية صادرة عن المحكمة الاوروبية (ولا يمكن لمحكمة بُنيت من ميل على نظريات اجنبية باعمال متصلة ومنفصلة ان تهمل الاستدلال باجتهادات اجنبية مقارَنة…)

-لا يعود للقاضي الانتقاء بين الشهود

-لا يعود للقاضي تقدير شهادتهم قبل الادلاء بها

-لا يعود للقاضي تحديد صفة ونوعية ومستوى ووظيفة الشهود

لأن القانون قيّده ب L’inamovibilité

المواد 280 فقرة ٢ و 296 فقرة ٢ من قانون الاصول الاجرائية

القاضي لا يخضع الا لسلطة القانون، ولا لسلطة رئيس جمهورية او وزير او وكيل او اي شخص آخر عليه

المادة ٩٠ من الدستور الموريتاني.

يسجّل دفاع الرئيس محمد ولد عبد العزيز حدثاً طارئاً ويطلب من المحكمة الكريمة استدعاء الشهود الواجب دعوتهم عبر النيابة العام والمحكمة العليا الذين سماهم رئيس جمهورية موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز والذين تلا اسماءهم الزميل محمد مولاي المامي باسناد على القانون الدولي والقانون الوضعي المواد ٢٩٤ و ٢٦٣ و ٥٨٧ اجراءات جنائية و٧ تنظيم فضائي ليمثلوا امام محكمتكم في اليوم والساعة التي تحددون.

بالنسبة للاجتهاد الفرنسي حول الاحداث العارضة بموضوع لائحة الشهود

أكد الاجتهاد انه يمكن للمتهم ان يطلب دعوة الشهود par voie de conclusions

Cour de Cassation Française, Chambre Criminelle, 21 Janvier 1991- Bulletin criminel no 32

وإمّا par voie de citations

Cour de Cassation Française,

Chambre Criminelle, 29 avril 1997, pourvoi en cassation no 95-80848)

وهنا يهمّنا أن نذكّر محكمتكم الكريمة ان المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان أدانت فرنسا في أكثر من دعوى رفضت فيها المحكمة لائحة شهود مقترحة من المتهم واخرى مسماة منه و CEDH لا تتردد في انزال العقوبة والحكم بالتعويضات.

Il en est de même dans sa Jurisprudence

CEDH- 20 septembre 1993- Saiidi c/ France JCP 1994, tome 2, 2225, note chambon

قدمنا اجتهادات..

بالعودة الى قانون الاجراءات الموريتانية، السيد الرئيس لم نجد اي نصّ يحظّر دعوة وزير أو ضابط او مسؤول الى الشهادة والمحكمة والحالة هذه، ملزمة بتطبيق القواعد الدولية التي ذكرنا و هي مقيدة في المادتين 587 و 592 من قانون الاجراءات الموريتانية ومن القانون الا تنحو اي منحىً آخر.

قرانا اجتهادا فرنسيا فسخت افيه محكمة التمييز الفرنسية قرارا قضى برفض الاستماع الى شهود بعدما وجدت انه غير مبني على سند قانوني و DES raisons concrètes

المحامية سندريللا مرهج: عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى