sliderتقارير

هل تحتاج موريتانيا لمقاربة أمنية جديدة بعد التحولات في “دول الساحل”؟

مع تأزم الوضع في بعض دول الساحل كمالي وتشاد بدأت بعض الأصوات في المنطقة تعرب عن مخاوفها بشأن فعالية ذلك الكيان الإقليمي، وفي موريتانيا عبر البعض عن خشيتهم من انعكاسات تلك الأوضاع على مقاربتها الأمنية “الناجحة”.

وقال تقرير للمركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية، إن “المعالجة الأمنية المتبعة من قبل مجموعة دول الساحل الخمس، تفاقم من حدة العنف والإرهاب في المنطقة”.

وأضاف التقرير السنوي للمركز أن الوضعية القائمة في المنطقة تعود إلى أخطاء ميدانية في المقاربة الأمنية خلقت فرصا للمجموعات المتطرفة من أجل كسب حواضن اجتماعية جديدة.

وأوضح التقرير أن الجماعات المسلحة استغلت هذه الأخطاء، وطورت استراتجيتها عبر “إضفاء الطابع المحلي على الجهاد من خلال التجنيد لأبناء المجموعات المحلية المغاضبة”.

الحاجة لخطة جديدة

يذكّر الحديث الحالي عن ضرورة استراتيجية جديدة لمحاربة الإرهاب في ظل الضعف الحاصل في منظومة الساحل الأمنية والانسحاب المالي منها بفترة ما بعد الهجوم الإرهابي على كتيبة موريتانية لمراقبة الحدود في منطقة “لمغيطي”  قرب الحدود الجزائرية عام 2005 .

فقد أفاقت النخب السياسية والأمنية في البلاد حينها على خطر الإرهاب وأيقن الجميع أن رهان البعد من مناطق الصراع لم يعد مجديا وأن المتشددين أصبحوا بين أبناء البلاد.

وأطاحت الهجمات المسلحة بين عامي 2005 – 2008 بسردية “الإرهاب يحدث للآخرين” السائدة حينها؛ ما دفع أركان الدولة للعمل على استراتيجية أمنية جديدة حاولت أن تُزاوجَ بين الاتجاهين الأمني والتنموي، وتركز على تطوير الجيش وتسليحه، وتنشيط العمل الاستخباراتي لخدمة.

وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد داعش منتصف مايو الماضي إن “موريتانيا تبنت استراتيجية أمنية تقوم على إقامة منظومة للرصد والدفاع على امتداد حدودها في مواجهة الخطر الإرهابي الذي يشكل تهديدا عابرا للحدود”.

نهج الحوار

وقال الخبير في الشؤون الأفريقية إسماعيل ولد الشيخ سيديا ر إن “موريتانيا لها خصوصيتها بين دول الساحل كونها تلتزم بمتاركة مع الجماعات المسلحة في مالي منذ 2011؛ وكونها تنتهج الحوار بين معتنقي فكر التطرف العنيف من السجناء من جهة وعلماء الشريعة من جهة أخرى. بالإضافة إلى أن المظالم الاجتماعية فيها مختلفة جذريا عن مشكلة التعايش في بلد مثل مالي”.

وأوضح ولد الشيخ سيديا  في حديث مع “أصوات مغاربية” أنه “لا وجود في موريتانيا لمظلمة عرقية أودينية سوى ماكان من حوادث ضيقة عبر الزمن لم تسقط بالتقادم ولكنها أطفئت أكثر من مرة وانعقد الإجماع على الاستمرار في إطفائها”

وأكد ولد الشيخ سيديا “أن دول الساحل اهتزت بسبب الانسحاب المالي والشرخ العميق داخل المنظومة؛ حيث الجفاء الفرنسي المالي من جهة والقطيعة بين النيجر ومالي من جهة أخرى”.

مهمة صعبة

وشدد الخبير الموريتاني على أن الأوضع الأمنية في المنطقة باتت أكثر تعقيدا منذ نحو عام حيث احتدم الصراع على مناطق النفوذ بين الجماعات الإرهابية بعد  مصرع الرئيس التشادي إدريس ديبي في معارك مع المتمردين في أبريل ٢٠٢١) وسقوط نظام الرئيس كيتا في مالي (إثر انقلاب عسكري في ١٨ أغسطس ٢٠٢٠)  والإطاحة بالرئيس البوركينابي كابوري (يناير ٢٠٢٢).

وفي معرض حديثه عن البدائل المتاحة لموريتانيا إذا استمر الضعف في منظومة دول الساحل الأمنية،  قال ولد سيديا إنه على  موريتانيا “الابتعاد عن الاصطفاف في التجاذبات بين روسيا والغرب؛ والتركيز على  زيادة زخم الديمقراطية التشاركية ورفع الإشكال التنموي؛ ليرى الشباب المتدين ذواتهم في صناعة القرار؛ ثم تستمر في سنّة الحوار مع المقدور عليهم واستباق نزوع غيرهم إلى التلبس بالتطرف العنيف”.

وكانت موريتانيا من بين مؤسسي مجموعة دول الساحل الخمس عام 2014 في نواكشوط وتضم أيضا مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.  وتهدف المجموعة لتحقيق الأمن ومحاربة الإرهاب والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب منطقة الساحل.

المصدر:

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى