هاشتاق

دحضا للمغالطات ورفعا للبس

لاحظت منذ أيام عبر صفحات بعض المدونين تناولا تحريضيا مغالطا كما العادة، هذه المرة لقضية نزاع عقاري في منطقة اتفيتنات ببلدية احسي الطين في بومديد، ولكن بعد ان دخلت الأخبار على الخط أود ان اوضح النقاط التالية، رغم الحرج الاخلاقي، فالقضية تتعلق بأهلي أولا :
– منذ سنوات، وضعت احدى شركات الاتصال هوائيا لتقوية شبكتها في منطقة اتفيتنات، واستأجرت لحراسته مواطنا موريتانيا يعمل بالتنمية الحيوانية في المنطقة.
– مع استقرار الرجل في المكان، ارتأى بعض اخوته من البدو المتنقلين في المنطقة الاستقرار الى جانبه في شبه تجمع عائلي صغير ومحدود جدا ( شخصيا ضد التقري العشوائي تحت أي مبرر)
– طلب حارس الهوائي الجديد عبر علاقاته القبلية من مدير ديوان الرئيس السابق مساعدته في حفر بئر في المكان لتوفير الماء الشروب الذي يتطلب الحصول عليه قطع مسافة طويلة من المكان، وفعلا استجابت المصالح الفنية للتدخل بعد اشهر فارسلت حفارة لعين المكان.
– علم السكان التقليديون للمنطقة ( يتواجدون في قرية احسي الطين ومقاطعة كيفة) بالموضوع فاعترضوا طريق الحفارة معتبرين ان الموضوع تعد على ملكية خاصة واستغلال غير شرعي لأرض يملكونها بشكل تقليدي منذ ما قبل انشاء الدولة، ولهم فيها آبار في اماكن متعددة( الارض على مساحة شاسعة بمئات الكلمترات).
– فورا ارسل مدير الديوان السابق بعد علمه بالتطورات للجهات الادارية بتوقيف العملية فورا وعودة الحفارة بسرعة والتوقف عن الاعتداء على ممتلكات خاصة.
– باشر مدير الديوان السابق عبر و سيط تربطه علاقات خاصة مع الملاك التقليدين الاعتذار عن ما حصل ، وارسل لطلب وفد من الجماعة مؤكدا انه لم يكن على علم بوجود نزاع على الارض أصلا، وفي نفس الوقت مؤكدا على انه لن يحصل اي حفر الا برضاهم.
– استقبل وجهاء المجموعة رسالة مدير الديوان السابق بكثير من التقدير وقرروا تشكيل وفد لزيارته وشرح موقفهم ومخاوفهم السياسية في الموضوع.
– استقبل مدير الديوان السابق اعضاء الوفد في منزله، وبعد الاعتذار عن ما حصل شرح له رغبته في مساعدة ذويه في الحصول على الماء الصالح للشرب، ولكن لن يكون الامر الا برضى المجموعة حسب قوله، مستغلا الفرصة لعرض الطلب عليهم بشكل اخوي ومطمئنا لهم حول مخاوفهم السياسية.
– عبر اعضاء الوفد عن سعادتهم بالاعتذار والاسلوب الاخوي ومستوى التطمينات، واكدوا انهم سيحملون الطلب الى الجماعة لاتخاذ القرار المناسب والذي سيكون في النهاية- حسبهم- لصالح روابط الاخوة والجار.
– بعد اشهر من الانتظار ، والنقاش داخل مجموعات واتساب للمجموعة ، اختلفت الاراء في القرار النهائي بين من يرى انه لا مخاطر سياسية من اعطاء كلمترين مربعين من الارض لجارهم الجديد، خصوصا ان العصر لم يعد عصر املاك تقليدية وان هذا الجار الجديد جار بالواقع وهو مواطن في دولة له الحق في الحصول على الماء الصالح للشرب فيها، وبين من يرى انه لا مساومة في الموضوع وان “أرض الاجداد” خط احمر.
– مرت اشهر لم يحرك فيها مدير الديوان السابق ساكنا في الموضوع، وواصل حارس الهوائي واخوته الشرب من الابار التي تبعد منهم عدة كيلمترات يحملون الماء على ظهور الحيوانات في استسلام تام للواقع.
– قبيل استقالة الحكومة بأيام ، توصل وجهاء من الملاك التقليدين لقرار بمنح كلمترين مربعين من الارض لجارهم الجديد، فكلفوا وفدا منهم من عشرة اشخاص، توجهوا لمنزل مدير الديوان السابق، وعبروا له عن سعادتهم بتقديره لهم وموقفه المتفهم للامور، ومعبرين له عن رضاهم طواعية بالتنازل عن كلمترين مربعين من الارض ينتصفها مكان الهوائي الان ، وسجلوا التنازل باسمائهم وبطاقات تعريفهم وتوقيعهم لدى موثق عقود معتمد لدى المحاكم.
– شكرهم مدير الديوان السابق على الموقف النبيل بحسب تعبيره ، مبينا لهم حرصه التام على رضاهم اولا قبل حصول قريبه على مياه الشرب، ومؤكدا لهم ان المكان لن يتسبب في تقري من شأنه تغيير معادلة الخريطة السياسية في البلدية.
– انطلقت حفارة باتجاه المكان، ويبدو ان الاتجاه الرافض اصلا لمنح الارض كان له رأي آخر.
هذه باختصار، هي الصورة كاملة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى