ثقافة ومجتمع

ملاحظات خاطفة حول مسلسل (جمل الدهر)!!

اسمحوا لي ايها السادة فأنا لست ناقدا سينمائيًا ولا مسرحيا، و لكنى متذوقا لتلك الفنون الجميلة بحكم متابعتي لمعظم ما عرض منها مصريا و سوريا ما قبل سنة 2000 م و مما تبقى في ذاكرتي من تلك الاعمال الفنية ارجو ان يسمح لي بإبداء الملاحظات التالية حول مسلسل جمل الدهر .

فبادئ ذي بدء فاختيار المثل الشعبي( جمل الدهر) كعنوان لهذا المسلسل كان يجب الأ لتزام بمقتضياته في احداث المسلسل و الذي لم يلتزم به فيه الا من طرف الممثلة السيده (آمي) التي مثلت دور المرأة الموريتانية احسن تمثيل في كافة الظروف و حتى تلك الحرجة المتحولة من الأعلى الي الاسفل محل المثل الشعبي (جمل الدهر) كل ذلك من خلال مواقفها الطيبة التي قل نظيرها على ارض الواقع المعيش مثل موقفها من زوجها المفترض بعد كبوته و فضائحه!
و هذا يقودنا الى إبداء الملاحظات الإجابية و السلبية تباعًا :
١- من الملاحظات الإجابية هو توزيع الادوار في المسلسل على كل مكونات الشعب الموريتاني وحتى على معظم الشرائح الوطنية.
٢- استخدام الموسيقى التصويرية من انتاج وطني بحيث استخدمت موسيقى كل المكونات الشعبية بشكل رائع و رصين لم يلحظ نشاز في اي وتر ولا نغمة بشكل ” لم يظهرفيه بل التركيبة”!
٣- اعطاء المكون الزنجي الوطني الدور الاجابي و الاساسي و ترك العنصر السلبي لمكون البيظان اي جانب الخير لؤلائك و الشر لهؤلاء بستثناء دور بطلة المسلسل الفعلية السيدة آمي التي تقاسمت البطولة مع كل من حيبلله وعلى.
٤- ثم ان المسلسل كان خاليا من اي منظر يخدش الحياء العام و النساء فيه كن محتشمات و لباسهن ساترا.
الملاحظات السلبية:
١-اعد المسلسل من طرف ممثلين مسرحيين و ممثلين مبتدئين و المخرج ربما هو كذلك ايضا !
٢-كما يظهر ان المخرج الحقيقي كان فعلا هو وزارة الثقافة و الصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان التي تولت تمويل المسلسل وتوجيهه وجهته سياسية .
٣-انطلاقة المسلسل كانت من قرية خاوية على عروشها وخيم صغيرة تكاد تكون بلا افرشه و ارض بلاقع لا اثر فيها للحياة و قطيع من غنم (التيفايه )قد احضر بين اشجار (آفرنان و تورجة) و قد استجلب لغرض التصوير فقط كما يبدو ، و كل هذا ينافي كون اعمر كان غنيا و له من المواشي ما اشترى منه منزلا مفروشا في العاصمة، كما ان حمل الخيمة و اثاثها في صندوق سيارة صغيرة لا يمكن ان يقنع احدا بصدق عملية شراء ذلك المنزل في انواكشوط .
٤-ثم ان تغزل خونا عل تلك الارض البلاقع و عنزته (ادريميزه) يجعل ان من اخرج المسلسل كان يبحث عن بئة و ديكور ولو من العدم!
٥-ثم ان امومة امي لخونا لم و لن يقتنع بها اي من المتابعين للمسلسل، الانه في واقع الامر اما ان يكون اكبر منها سنا او معاصرا لها على الاقل!
في حين كان يمكن اجاد البديل لذلك الدور.
٦-ايضا اين المدرسة التي سجل فيها خونه و اخته و ابنة خالته، ان دفتره ذي الخمسين صفحة و الذي كان مطويا في يده (كجمبة) الراعي التي يعدها لإعداد نعله لا يدل على صدق المشهد و الدور.
٧-صاحب الناي ( النيفارة) كان كما يبدو يرافق صوت غيره مما يدل علي الشح في الانفاق الشىئ المضر اصلا بالاعمال الفنية!
٨- واخيرا بيع الدار للزينة و عدم تسجيل العقد و كذا اظهار السمسار و النهاية المحزنة لكل من الزينة و بونا كل ذلك يجعلنا نستنتج ان المسلسل قد خلصت مزانيته فجأة كنهاية مكالمة انتهى رصيدوها!
ورغم هذه الملاحظات السلبية كان هذا المسلسل اساسا و لبنة ملآ فراغا فنيا بإنتاج محلي كان المواطن متعطشا على ملئه بعمل فني مهما كان مستواه الا ان الاساس من اجل ان يبنى عليه فلابد ان يتوفر على قدر من القوة و الصلابة الشيئ الذي لم يتحقق معظمه للأسف في هذا المسلسل !
ولكن مما يخفف من وطأة تلك السلبيات اعلاه هو ذلك الانسجام الذي حصل بين الممثلين و عدم ارباكهم في تبادل الادوار، و اظهار اللحمة الوطنية لديهم بشكل طبيعي و ذلك من خلال مآزرة بعضهم البعض في ايجاد العمل المناسب و التضامن من اجل عودة الحق الضائع وعدم الانتقام ، كل ذلك يبرر فعلا ما أنفق على هذا المسلسل من اموال الشعب!
و في النهاية فإني لو كنت حكمًا لقسمت الجائزة المتعلقة بالخير بين آمي و حيبلله و علي و مختار كي و زوجته، و جائزة السخرية من الشر تتقاسمها هي الاخرى الزينة التي قامت بدورها بكل إقتدار و صبر و تلون، و يليها في ذلك كلا من بونا و اعمر, و هذا الاخير الذي افقده هذا المسلسل شئا ولو يسيرًا من القه الفني رغم انه للأسف قد ظهر في (سكتشات) سابقة وكأنه يحاول التدريب على هذه الادوار الشريرة ، و الذي ربما غاب عنه هو معرفة عدم امكانية الازدواجية في لعب ادوار الشر و الخير ، لأن ذلك امر صعب وقل من يوجد من الممثلين من يستطيعون القيامة به.
و في الختام فإني اشكر كل من شارك في اعداد هذا المسلسل الوطني اخراجا و تمثيلا من مخرجين و ممثلين و منتجين و متابعين.
و عليه يجب ان يستفاد من هذه الملاحظات ان كانت واردة اصلا، او غيرها في اي اعمال قادمة و نرجو المسامحة فيما إذا كنا قد تجاوزنا حد الياقة في ما ابدينا من ملاحظات.
و عيد سعيد.
ذ/ اسلم ولد محمد المختار ولد مانا

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى