sliderتقارير

المسلكيات الطاردة للاستثمار، تدفع شركة USA PCR SERVICES LLC للعدول عن افتتاح فرع لها في موريتانيا

تقدم رجل الأعمال الأمريكي من أصول موريتانية سيدي “محمد ولد خينا”، قبل فترة بطلب إلى وزارة النفط والمعادن بغية الترخيص لمصنع لمعالجة النفايات من خلال ممثلية لشركة USA PCR SERVICES LLC المتخصصة في تقنية تحليل ومعالجة النفايات RT، واستخراج الغاز وزيوت التشحيم من مخلفاتها.

رحلة البحث عن رد رسمي على الطلب الموسوم بختم الوزارة أخذ مسارا طويلا تدخلت خلاله العديد من الجهات والوسطاء بعضهم ينشد الخير لهذا الوطن الذي هو أحوج ما يكون لأبناء بررة مخلصين يضعون مصلحته فوق مصالحهم الشخصية، والبعض الآخر ينشد أقصر الطرق للتربح وجني المال من أتباع مذهب “موريتانيا خذ خيرها ولا تجعلها وطنا” وهم مع الأسف أصحاب القرار.
ورغم هذا التباين كان ولد خينا على يقين أن البلاد في حاجة ماسة لمصنع كهذا من أشأنه أن يحد من ظاهرة انتشار القمامة واستفحال معضلتها من جهة، والمساهمة في إيجاد بدائل للغاز وزيت التشحيم من خلال تكنولوجيا نظيفة تحافظ على الصحة والمحيط البيئي وسلامة المواطنين

تلاعب ومماطلة
ليست النسخة الموريتانية من مشروع المصنع هي الوحيدة في شبه المنطقة بل إن شركة USA PCR SERVICES LLC منحت امتياز تشييد مصانع أخرى للسيد سيدي محمد لولد خينا، في عدد من دول شبه المنطقة، لكن جملة من الأسباب جعلته يفضل أن تكون البداية من موريتانيا، حيث استغرقت الدراسة الخاصة بها ما يناهز 6 أشهر، شملت جميع الجوانب، وكان الاهتمام أولا بالبيئة والإنسان.
ورفعا لشبهة الاحتكار اقترحت الشركة ثلاثة صيغ أولاها أن تتحمل بمفردها إقامة المشروع، أو أن تتولى تمويله الدولة الموريتانية، والصيغة الثالثة هي تقاسم التكلفة الإجمالية البالغة 45 مليون دولار مناصفة بين الشركة والدولة، لكن الرد على هذه المقترحات لم يتأخر فقط بل لم يأت مطلقا، وراوح الطلب مكانه ضمن دوامة من الوساطات تقف وراءها جهات نافذة داخل دوائر السلطة، بعضها يطلب الحصول على امتياز اكتتاب العمال، واحتكار سيارات الشركة، والبعض الآخر يطلب الدخول في شراكة مقابل منح الترخيص دون أن يقدم فلسا واحدا.. إن بلدا هذه مسلكيات قادته سيكون لا محالة طاردا للاستثمار.
هكذا استمرت مسرحية المماطلة وتقديم عروض بديلة منها أن يطلب رجل الأعمال “سيدي محمد ولد خينا” ترخيص أي مشروع أو شركة بديلة، وأن يتخلى عن فكرة إقامة شركة متخصصة في تقنية تحليل ومعالجة النفايات RTذلك لأن هناك مستفيدين من إبقاء الوضع كما هو، واحتكار عملية نقل القمامة وطمرها دون معالجتها أو الاستفادة منها تكنولوجيا.
ورغم مضي فترة طويلة على تقديم الطلب لوزارة النفط والمعادن التي لم تكلف نفسها عناء الرد عليه رغم أن المشروع كان سيوظف مئات الموريتانيين، اكتشف ممثلو الشركة في نواكشوط وفي وقت متأخر أنها ليست صاحبة الاختصاص، وأن الباحثين عن حصص ضمن الكعكة، تعمدوا عرقلة الرسالة وحفظها دون إحالتها إلى وزارة البيئة المعنية، والتي شكر ممثلو الشركة، وزيرتها على الاستعداد والتجاوب وإن جاء متأخرا، حيث لمسوا جديتها واهتمامها بضرورة إقامة المصنع في موريتانيا لأنه سيكون بديلا لخدمات الطمر التي تقوم بها دكاكين النفع الشخصي، التابعة لرجال أعمال وسياسيين متنفذين، لكن هذه الاستعداد من طرف الوزيرة جاء متأخرا..

لهذه الأسباب قررنا
جملة من القرائن والأدلة بعضها مكتوب والآخر صوتي تم توثيقها من مسؤولين سامين، ـ ولن يتم كشفها أو الاستئناس بها إلا إذا استدعت الضرورة ذلك ـ، طالبوا بحصص ومنافع خارج الأطر القانونية، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات، جراء الاضطراب السياسي وإخضاع المصالح العامة لأخرى شخصية ضيقة، ولا أدل على ذلك مما تعرض له الرئيس الأسبق محمد ولد عبد العزيز من مضايقات ومصادرة أمواله، لمجرد مطالبته بالمشاركة في الحياة السياسية، الأمر الذي يؤكد عدم وجود مسطرة واضحة لحماية رأس المال والاستثمار داخل البلد، لأن الحريات الشخصية لا تتجزأ، فالحق في ممارسة السياسة هو نفسه الحق في التعبير وإقامة مشاريع ذات نفع عام.
لتلك الأسباب مجتمعة وغيرها كثير، يقول رجل الأعمال سيدي محمد ولد خينا، صاحب امتياز تمثيل شركة USA PCR SERVICES LLC قررنا العدول عن إقامة المصنع في موريتانيا، ونقله إلى بلد مجاور لم يكن ضمن قائمة الدول الثلاث التي كانت ستستفيد من خدمات الشركة وهي موريتانيا ومالي والسنغال، رغم ما لقيناه من ترحيب في الأخيرتين لكن التشجيعات والضمانات المقدمة من المملكة المغربية كانت مطمئنة ومستوفية من حيث الأمن والعدالة، لذا سيتم خلال أشهر قليلة افتتاح ممثلية شركة USA PCR SERVICES LLC في هذا البلد ليكون باكورة حضورنا في القارة السمراء، وبذلك خسرت موريتانيا مع الأسف استثمارا ضخما بقيمة 45 مليون دولار، نظرا للزبونية وانعدام الأمن والعادالة، والإهانة التي يتعرض لها الآن الرئيس السابق وهو من قدم خدمات كبيرة لهذا البلد.
لقد سعينا لإقامة مشروع بهذا الحجم في موريتانيا، يتم اكتتاب عماله بطريقة شفافة، لا احتكارها ولا تخضع لأي نفوذ مهما كانت طبيعته أوصفته.
إن بلدا هذه مسلكيات قادته ومتنفذيه، ليس جديرا بجلب الاستثمار الذي تقول بعض النظريات الاقتصادية بجبنه، بينما أفضل أنا أن أصفه بالجرأة.. والجرأة لا تعني التهور والخضوع لسماسرة النفوذ الذين يتوعدون أي مستثمر بالخسارة والإفلاس إذا لم يجدوا موطئ قدم لهم أو نسب معتبرة من المشاريع المستجلبة.
تلك مسلكيات ما كان ينبغي أن نقبلها أبدا، لأنها لا تليق بهذا الشعب الطيب العظيم، الذي يستحق وطنا أكثر أمنا وعدالة يساوي بين أبنائه في الحقوق والواجبات.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى