sliderالمبتدأ

انهم يخدعونك سيدي الرئيس (ح3)

لكل أمة على مر التاريخ منظروها ومفكروها الذين يمتازون بالطرح المحايد والتخطيط المتوازن انطلاقا من المعطيات على الأرض، دون أن يتأثروا بالمواقف السياسية ولا المناكفات الاجتماعية.

هؤلاء أيضا تم إبعادهم سيدي الرئيس، واستبدلوا بسياسيين كدحوا على مر العقود فجبلوا على تبوء مناصب في الفسطاطين، جناح في الظل مع الأنظمة، وآخر يتمثل مسوح الخلاص والمخلص، يدغدغ عواطف وأحلام الطيبين والسذج من أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره.

هكذا استنزفوا قدراتهم فلم يعد نظرهم يتجاوز حدود أنوفهم، تقزمت عبقريتهم فلم تعد تواكب عصرنا اليوم ولاتؤثر في من حولهم، فأصبح جل همهم هو البحث عن مصدر للثراء والاقتيات على مآسي وآلام الآخرين، أعادوا عجلة التنمية ثلاثة عقود إلى الوراء.. ولأنهم حبيسي الماضي،  استنسخوا سيناريو التشاور مطلع التسعينات، وحول قضايا التي يزعمون أنها وطنية حقوقية مقدسة، ضاربين عرض الحائط بكل التنازلات وخطوات الحلحلة التي اعتمدت آنذاك.

وعلى الصعيد التنموي، والإعلامي، فقد أعادوا الخدمة العمومية الى حقبة خلت، متجاهلين راهن المرحلة، في تجربة البشرى ولاتريبين وانوكشوط انفو، مع ترسيمها بكانتونات شبه عمومية تتحكم فيها لوبيات الفساد، بغض النظر عن فشل أو نجاح تجاربها فإنها بالطبع لاتتناسب مع عصر السرعة والرقمنة، إنها نفس الوجوه والبيادق.

وبخصوص قطاعات الصحة والتعليم وخدمات الماء والكهرباء والطرق فحدث ولاحرج، سوء في التدبير رشح إناؤه بأصوات الرفض التي ارتفعت لأول مرة من شعب صبور على رئيس خلوق ومتسامح ينشد الاجماع، لكن هيهات.

الخدمات الصحة في قمة الردائة، وبناها التحتية لاتواكب طفرات التأمين الصحي وبرامج تقريب الخدمة من المواطنين، كادر بشري يعيش بيروقراطية وزبونية قل نظيرها في التدرج، تتجسد في تربع مدير جهوي للصحة في احدى ولايات الوطن على المنصب وهو لم يكمل بعد سنواته الخمس، والقوانين تنص أن تناهز خبرته في المجال ثلاثة أضعاف هذه المدة أي 15 سنة.

وعن التعليم وما أدراك فما التعليم، حيث خدعوك سيدي الرئيس بكذبة الكفالة المدرسية التي تعاني جملة من الإختلالات التي يدركها المستهدفون، وكذلك فرية المدرسة الجمهورية التي لم يكلفوا أنفسهم وضع استراتيجية أو خطة انتقالية تضمن تنفيذها، والطاقم التربوي يعيش تسيبا وانفلاتا وظيفيا لم يسبق له مثيل، وإدارة التعليم الخاص كباقي ادارات القطاع، خير مثال على مركزة القرارات واحتكار الخدمات على اصحاب العلاقات والنفوذ والمال.

وبالنسبة للماء سيدي الرئيس، فقد قررتم تسليم القوس لباريها بتعينكم اطارا كفءا خبيرا في مجال المياه على رأس القطاع فلم يلبث أن وسوسوا له بالتخلي عن ما يتقن ليكلف بما لا يفقه، والمحصلة هي أن تحكموا ونفذوا ما لامس هواهم، بثأر سياسي قديم، لتشهد خدمة المياه ترديا كبيرا، شبكات متهالكة على وطنيا (بلنوار- مال – ادرار- تيرس.. الخ ) والسبب غياب الصيانة والعبث بالموارد.

وعن الكهرباء فتلك قصة اغرب من الخيال، بحوزة الشركة اليوم أكثر من ستون محطة على امتداد التراب الوطني وهو ما شتت جهودها في ضبط وتنظيم خدماتها، وبدلا من من أن يسعى القائمون على إيجاد حلول جذرية تهدف الى تقليص النفقات وترشيد المداخيل، فتحوا الباب على مصراعيه لتوريد مولدات الديزل المتهالكة، وأهملوا موارد الطاقة المتجددة والنظيفة، قصد خلط الأوراق وإعادة المسلكيات البدائية تدبيرا وتسييرا، مما قلص نسبة المداخيل الى 60% حسب المدير العام بعد ان وصلت سابقا إلى 77 % مع انخفاض سعر المحروقات وتسديد الدولة المنتظم لاستهلاك دوائرها من الطاقة.

أما عن الطرق سيدي الرئيس فيكفي الحديث عن جسري نواكشوط ومقطع بوتلميت ألاك، الذي يراوح مكانه، حيث أضاف عبءا لم يكن في الحسبان على طريق (روصو بوغي) مما عرضه للتلف قبل نهاية مأموريتكم الأولى.

ومقارنة بسيطة بين 40 كلم تم انشاؤها في العاصمة نواكشوط مع أخرى في المجال الحضري تؤكد أن لا وجه للمقارنة من حيث الجودة، والتسعيرة والمواصفات كعدد الطبقات وطبانات الحماية وغير ذلك فالأولى أجود وأكثر احتراما للمعايير الدولية، والغريب أن المنفذ هو نفس الشركات الخصوصية المحلية، مما يطرح أكثر من علامة استفهام، ولايترك ابسط مجال للشك انهم يخدعونك فعلا سيدي الرئيس.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى