الفلّان الرّحل، “قمة التهميش”: بقلم عبد الحسيب الشريف عبدالله
كم كتب الفلّان عن هويتهم الفلّانية , وكم امتلاؤا زهوا بحقيقة كونهم فلّان ” وليسوا شيئا اّخر -ولكن بالمقابل لم يجد الفلّان الذين خسروا كل شيئ من اجل اْن يكونوا احرارا ومن اْجل ان يحافظوا على الخصوصية والخصائص الفلانية اْي اهتمام – اِنهم ” الودابي ” اْو “الفلّان الّرحل ” Fulbe nay ” اْو Fulbe Kelli كما يسميهم ابناء عمومتهم الجلقوجي اْو فلبى جيري Fulbe Jeeri اسمهم على ضفاف نهر السنغال اْو ” امبرورو – هذا الاسم الذي يطلق عليهم في منطقة بحيرة تشاد و السودان – لم يجدوا من ابناء عمومتهم من الفلّان الحضر سوى التصوير و عرض صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي للاستمتاع بملامحهم الحسنة كعيّنة لهم في معرض حديقة الشعوب المهددة بالانقراض –
من يروم الحرية يدفع الغالي من اجلها , وقد دفع الفلّان الرّحل ارواحهم من اجل البقاء على ظهر القارة الافريقية وطنهم الممتد من المحيط الاْطلسى الى مرتفعات الحبشة – رفضوا الدولة القطرية لاْنها تحد من حماسنهم الشديدة وعشقهم غير المحدود للترحال بحثا عن الخضرة والهواء العليل تحت سقف السماء ليس بينهم وبين النجوم حواجز –
لقد أْحبّوا البقرة لاْنها رمز الحرية والجمال — اْحبوها بيضاء وصفراء وحمراء وسوداء — تغنّت عشيرة جلو للبقرة الصفراء وعملوا بقدر الامكان على اْن تكون ابقارهم كلها صفراء بلون النار التي يوقدونها كل ليلة تفاؤلا- عشقت عشيرة ” باه ” البقرة الحمراء لتكون بلون الدم الذي هو مهر الحرية فهم المدافعون عن بقية العشائر من الاْعداء – اْما عشيرة باري فقد هامت بالبقرة البيضاء لون الورق و الكتب فهم علماء الفلّان , منهم اْول فلّاني من الفلّان الرحل يقيم دولة ” ماسنا ” عام 1810 -كانت انظف دولة بشهادة المغامرين الاوربيين و كانت منظمة و امنة و اسلامية ملتزمة لا يسمح فيها بانتشار الاوساخ والقاذورات وكيف لا تكون دولتهم هكذا ورمزهم هو اللون الابيض وبقرتهم بيضاء كرمز للنظافة كما يعتقدون – اما عشيرة ” صو ” فقد عشقوا اللون الاسود الى حد الادمان — ابقارهم سوداء و رمزهم اللون الاسود –كان هدفهم هو التماهي كليا – لونيا – مع اماكن وجودهم اِذ كانوا في الماضى السحيق يشكلون مجموعة الفلان الجنوبيين المتاخمين لسكان المنطقة الاْصليين -تعلموا اسرار الشجر و الحجر فكانت هذه العلوم هى الحامية لهم من المخاطر و الجالبة لهم المحبة حسب معتقداتهم —
كان الفلّان الرّحل قدجمعوا كل الاْرض في هويتهم الفلّانية , وصفوا عشيرة جلّو بالعشيرة النارية وكانوا الاْصل لكل الفلّان مثلما يقال ان النار هي اْصل العناصر الاربعة – و صفوا عشيرة باه بالهواء لقوته وسرعة تحركه فهم لذلك عشيرة المحاربين — اما عشيرة باري فهم الترابيون لاْنهم كانوا الفلّان الرحل بعد الصحراء مباشرة , يقعون شمالا بالنسبة لبقية الفلّان -واخيرا عشيرة صو وهم الفلان المائيون فهم يعيشون الى الجنوب من بقية الفلان حيث الاْمطار الغزيرة –
هؤلاء هم الفلّان الرّحل — هم رحل بالاصالة ومنذ اقدم العصور – يتكلمون لغتهم الفلّانية بكل جمالياتها وسلاستها -الفلّاني الرّحال جميل ويحب الكلام الجميل ايقاعا ومعني – من يدرس اللغة الفلانية ممن وهبه الله ملكة الاْدب سيندهش بنظامها وتراتبيتها وعمقها وهندسيتها ونغمتها وايقاعها الذي يشبه طبل هندي في غابة من غابات ارناكولم و تيرشور بولاية كيرالا الهندية –
هؤلاء هم الفلّان الرحل كتب عنهم ” امدوا همباتي باه ” حكيم افريقيا وعالم الانثربوجي المطبوع لمن اْراد المزيد من ثقافة الفلّان الرّحل عليه بقراءة الدراسة التى نقلها امدو هماتي باه عن فلّان جولوف بالسنغال الذين مازالوا على نمط حياة جدهم ” كولي تنقيلا ” قبل ان تهب عليهم رياح الحداثة والتغيير -الدراسة عنوانها Komen Fulbe initiation text-