sliderتقارير

موريتانيا: منظمةً تكشف فشل وكالة السور الأخضر والتلاعب بمواردها.. (الجزء الثاني

الجزء الثاني: تدخل المفتشية العامة للدولة:

في الشهر الخامس من سنة 2022، حطت مفتشية الدولة رحالها في وكالة السور الأخضر، وفي هذا الصدد تسجل المنظمة بإيجابية إحباط المفتشية لعمليات الاختلاس واستغلال النفوذ التي كانت ستتفاقم سنة 2022 بعد توفر موارد إضافية، منها زيادة مخصصات الاستثمارات بالضعف تقريبا وإبرام اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي والتي وفرت 858 مليون إضافية للوكالة.

1. تشخيص المخالفات
في مجال النفقات الوهمية:
اتضح من كلام المفتش تأكدهم من فداحة مبالغ النفقات الوهمية، وهو ما تأكدت منه منظمتنا أيضا.
فعلى سبيل المثال تُبين إحدى لوائح المتفشية الثلاث (الوثيقة 11) التي ارتكب أصحابها جرم النفقات الوهمية طبقا للمادة 9 ، ظهور اسم مؤسسة التشييد المملوكة لولد مد الله مرتين، وظهور مؤسسة باب الخير ثلاث مرات؛ ويمكن أيضا التأكد من ذلك من خلال المحضر الذي حررته بعثة المفتشية في بومديد، ووقعه معهم نائب العمدة ( الوثيقة 12). حيث يفصل المحضر الذي تم إعداده في عين المكان أن بومديد المدينة لم ينجز فيها أي شيء سنة 2021؛ خلافا لما جاء في فاتورة مؤسسة باب الخير رقم 57/2021، كما أنه لا توجد منجزات ببومديد الفرع، خلافا للفاتورة رقم 0040 (الوثيقة 13) ولا توجد إنجازات ببومديد التومية، خلافا لفاتورة مؤسسة باب الخير 09/2021 (الوثيقة 14)، وخلافا أيضا لبيانات الرشاد المتعلقة بالمؤسسات الثلاث (الوثيقة 15).

في مجال تضخيم الفواتير:
يتضح من خلال مسار المفتشية في هذا الملف أنها لا تلقي بالا لعمليات تضخيم الفواتير، وهي جريمة مساوية لجرائم النفقات الوهمية طبقا للمادة 9 من القانون رقم 014-2016 الصادر بتاريخ 15/04/2016، المتعلق بمحاربة الفساد؛ وقد رصدت منظمة الشفافية الشاملة من خلال المقارنة (الوثيقة 16) بين الفاتورة رقم 02/2021 من مؤسسة MMH المملوكة لمحمد محمود ولد محمد هنان والبالغة 29,3 مليونا، أن نفس الخدمات قدمتها مؤسسة A.B.G sarl مرتين ب 12,6 مليون، وتم دفع الفاتورتين من حساب الرشاد في نفس الشهر (الوثيقة 17)، كما وثقت المنظمة من خلال المقارنة كذلك أن كل المشتريات تقريبا؛ تمت مضاعفة أسعارها مع تدني جودة الخدمات.

ومن خلال المعطيات أعلاه، فإن منظمة الشفافية الشاملة تطالب بتفعيل قانون مكافحة الفساد، الذي يعاقب على النفقات الوهمية كما يعاقب على تضخيم الفواتير على حد السواء، طبقا للمادة التاسعة والمادة الواحدة والعشرين، حيث جاء في نص المادة 9 : (تضخيم الفوترة والنفقات الوهمية): يعاقب بالحبس من سنة (1) إلى خمس (5) سنوات وبغرامة لا تقل عن ضعف المبلغ المضخم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص، تاجر أو غير تاجر، يقوم بالاتفاق مع الموظف العمومي بتضخيم قيمة أو ثمن أو إيجار السلع أو الخدمات بالمقارنة مع سعرها المتداول، أو بتبرير قيمة نفقات وهمية، كما يعاقب بنفس العقوبة المتمالؤون، موظفون أو غير موظفين.
وجاء في نص المادة 21 : (يعاقب على محاولة ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بنفس العقوبة المقررة لمرتكبها).
علما أن مفتشية الدولة هي أداة لتنفيذ القانون؛ وقد أقسم كل أعضاؤها على القيام بواجبهم على أكمل وجه؛ مما يضاعف من واجبهم القانوني والأخلاقي؛ حيث جاء في نص المادة ( 15 ) من المرسوم المنشئ للمفتشية، ما يلي: (دون المساس بالأحكام الخاصة المنصوص عليها في قوانين أخرى، يلزم أعضاء المفتشية العامة للدولة بموافاة النيابة العامة بكافة المخالفات التي نص عليها قانون محاربة الفساد والتي أخذوا بها علما بمناسبة أو أثناء ممارسة مهامهم مع إشعار الوزارة أو السلطة التي يتبع لها المعني بذلك، وذلك طبقا لأحكام المادة 25 من القانون المذكور) .

2. تقييم العقوبات :
– التقاعس عن العقاب المادي:
تم إعفاء التجار والأشخاص الذين كان من واجبهم، طبقا للمادة 9 المذكورة أعلاه، أن يقوموا بدفع ضعف المبالغ التي أخذوا على الأقل؛ حتى تسترجع وكالة السور الأخضر أموالها مضاعفة؛ ولكي يكون ذلك رادعا للجميع في المستقبل عن استباحة أموال الشعب الموريتاني.
– التهاون في العقاب الإداري:
ومن أمثلته، تورط الأمين العام لوزارة البيئة السابق، محمد ولد احمدوا، من خلال مؤسسة SALAMA، التي كانت من ضمن المؤسسات المتورطة في عملية الاختلاس بواسطة النفقات الوهمية التي عثرت عليها المفتشية ثم قام شقيقه، باباه ولد أحمدوا، بتسديد مبلغ قدره 16 مليون؛ من أصل 20 مليون نزعت منها الضريبة على القيمة المضافة (TVA) (الوثيقة 18)، وفي نفس الوقت تم إلغاء فاتورة وهمية أخرى لنفس المؤسسة بمبلغ 15 مليون ضمن ال 500 مليون التي ألغيت وتحدث عنها المفتش العام في مؤتمره الصحفي.
وقامت المنظمة بتتبع مسار مؤسسة SALAMA التي تدار من طرف شقيق ولد أحمدوا، حيث وجدت أن “ال NIF ” الخاص بها مسجل باسم إحدى نساء العائلة، وأنها إضافة إلى المشاركة في النفقات الوهمية في وكالة السور الأخضر، فقد تلقت مبالغ من (مديرية حماية واستعادة الأنواع والأوساط) التابعة لوزارة البيئة؛ من خلال فاتورتين، الأولى بمبلغ 28,7 مليون والثانية 14,8 مليون (الوثيقة 19)، في انتهاك صريح لقانون تعارض المصالح، ورغم كل تلك التجاوزات بقي الأمين العام لمدة سنة ونصف في منصبه.
ومنها كذلك، أنه رغم تجريد مدير عقارات الدولة، الشيخ ولد حبيب الرحمن، من مناصبه في مجلس الوزراء يوم 02/02/2022؛ بسبب تورطه في ملف الفساد الذي اكتشفته المفتشية العامة للدولة في نفس الفترة، فإنه تم تعيينه بعد ذلك بفترة وجيزة (يوم 11/01/2023)، خلافا للقانون الذي يحرمه من التعيين لخمس سنوات، حسب ما قاله المفتش العام للدولة في الدقيقة الخامسة من مؤتمره الصحفي آنف الذطر.

– ازدواجية المعايير في التعامل مع الجهات المتورطة في الفساد:
اتهمت المفتشية المسؤولين عن 6 مؤسسات بالفساد والاختلاس، وألزمتهم برد المبالغ المنهوبة مقابل نفقات وهمية، وتم توقيف أصحاب خمسة من المؤسسات الستة، باستثناء مسير SALAMA؛ لأنه أحضر شيكا مصدقا بالمبلغ المطلوب، وهذه المؤسسات هي:
• الهاشمية
• موريتانيا الجديدة
• مؤسسة عالي للتجارة
• گلوبيس سارل
• النح ولد محمد
تم توقيف الخمسة بالإضافة لمدير الوكالة ومحاسبها، ولكن تم استثناء مديري مؤسسة “التشييد” ومؤسسة “باب الخير” من التوقيف لأسباب غير مفهومة، مع أن المنظمة لم تجد أي أثر لدفع أصحاب تلك المؤسسات للمبالغ التي ظهرت في الوثيقة..

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى