اعتبر القيادي بحزب الإصلاح الموريتاني بتار ولد العربي في حواره مع”أفريقيا برس” أن “انضواء غالبية الأحزاب تحت ظل الحزب الحاكم أفقدتها شعبيتها، كما لا يعد الشارع يعلق آماله عليها بسبب فشلها في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.
ورأى ولد العربي أن “السباق الرئاسي المرتقب سيحظى بمنافسة شرسة حيث أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يواجه منافسين غير تقليديين، الأمر الذي يجعل الحظوظ متقاربة”، حسب تقديره.
والدكتور بتار ولد العربي هو قيادي بحزب الإصلاح الموريتاني، وهو مستشار بلدي ببلدية “نواذيبو” والأمين العام للمنبر الموريتاني للثقافة والبحث العلمي.
كقيادي بحزب الإصلاح الذي أعلن تأييده للرئيس الحالي في السباق الانتخابي المرتقب، لماذا اخترت عدم تزكية ولد الغزواني في السباق وفق ما ذكرتم في تصريحات إعلامية؟
بعض الأسباب التي منعتني من تزكية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية منها ما هو شخصي أتحفظ عليها، ومنها ما هو سياسي قد يكون واضحا لأغلب المتتبعين لما يجري في البلد، وهو أن الرئيس ليس من يحكم بصفة مباشرة، وإنما يبدو أن هناك جماعة تملي عليه، وتحجب عنه الحقيقة، وخير دليل على ذلك؛ تصريحه قبل يومين في زيارة لمدينة “نواذيبو” وهي عبارة عن قطب اقتصادي بأنه يتأسف على نقص الماء والكهرباء فيها ونحن في القرن الواحد والعشرون، وهو من وضع الحجر الأساس لتسوية هذا المشكل في بداية مأموريته فيما ساكنة نواذيبو تتظاهر كل يوم بحثا عن الماء وتطالب بتحسين خدمة الكهرباء لكن الرجل يبدو مغيبا عن المشهد…هذا بالإضافة أنني كنت أنتظر منه كغيري من المواطنين تحسين المعيشة وانخفاض الأسعار وتطور البنية التحتية، وتوفير الدراسة والصحة بشكل جيد للشعب وهذا ما لم يحدث، لذلك رفضت تزكيته كمستشار بلدي ببلدية نواذيبو.
هل تعتقد أن الرئيس الحالي ولد الغزواني يتمتع بالحظوظ الكافية للفوز بالسباق الرئاسي، وما هي مأخذكم على هذا النظام؟
بالنسبة للمآخذ على النظام، أعتقد أنني أجبت على الكثير منها في الحديث عن عدم التزكية، أما فيما يخص حظوظ الرئيس ولد الغزواني في الانتخابات القادمة، أعتقد أنها ليست قوية حتى لا أقول إنها ضئيلة، بحكم أنه يواجه منافسين غير تقليديين، من بينهم النائب والرئيس بيرام الداه اعبيد ولديه شعبية لا يستهان بها، وصاحب تجربة في خوص معركة الرئاسيات، والنائب العيد، والدكتور نور الدين، إضافة إلى كثير من الشباب الذين يمتلكون شعبية من الشباب والمعجبين، أيضا الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي يحن الكثير من الشعب إليه، ويبكي على مغادرته….وبالتالي ستكون المنافسة شرسة مما يجعل الحظوظ متقاربة.
كيف تقيّم أداء حزب الإصلاح، وهل بوسع الأحزاب الموريتانية اليوم تحقيق تطلعات الشارع في النهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي؟
بالنسبة لحزب الإصلاح ظهرت بعد الانتخابات النيابية والبلدية الماضية نتائج جيدة حيث حصل ما يزيد على مئتي مستشار بلدي واثني عشر عمدة بلدية ومستشارين جهويين، وستة نواب، لكن الحكومة لم تتعامل معه حتى بما كان يطمح إليه، أما فيما يخص الأحزاب فقد ذابت في الحزب الحاكم مثل حزب الإنصاف وحتى تلك المعارضة التي كان الشعب ينتظر منها المنافسة والتغيير، وأصبح الاعتماد على الكتل والتيارات، وبعض الأحزاب الغير مرخصة، وشخصيات وازنة، وبالتالي لا أعتقد أن الشارع الموريتاني يعلق عليها آمالا للنهوض بواقعه الاقتصادي والاجتماعي.
كيف يمكن للمرشح الرئاسي أن يكسب الرهان بالمشاركة في سباق يحظى بالشفافية في ظل منظومة انتخابية فاقدة للثقة ومهددة بتزوير النتائج؟
كسب الرهان صعب تحقيقه حتى إذا كانت هناك شفافية، فكيف به في حالة فقدان ثقة المترشح في اللجنة الوطنية للانتخابات خاصة بعد تصريحات رئيسها قبل أيام واعترافه بوجود خروقات في الاستحقاقات الماضية.
هناك توقعات بأن ينجح الرئيس الحالي ولد الغزواني بالفوز بولاية ثانية خاصة لما يحظى به من دعم غالبية الأحزاب وأيضا لاستحسان الشارع لإدارته للملف الأمني خصوصا وتحقيق تهدئة نسبية مع المعارضة، ما رأيكم في ذلك؟
أعتقد أن الملف الأمني كان قد بدأ مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ويمكن أن يحسب له ويعد من إنجازاته، أما دعم الأحزاب للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فقد تكون له جوانب سلبية عليه، لأن الكثير من منتسبي هذه الأحزاب لا يؤيد قرار رؤسائها واندماجها وعملها تحت ظل الحزب الحاكم، لذلك فقد فقدت الكثير من شعبيتها، خاصة أن البعض منها خرج بخفي حنين في الاستحقاقات الماضية.
خلال العامين الماضيين زاد الاهتمام الأوروبي والأمريكي بموريتانيا خاصة بعد الاكتشافات الواعدة التي بدأت تحقق في النفط والغاز واليورانيوم وبعض المعادن الأخرى المهمة، كيف تنظر لهذا الأمر وهل يمكن أن تتعرض موريتانيا بسبب ذلك إلى تهديدات أمنية وتفقد الاستقرار خاصة وأن الحدود الشرقية للبلاد تعتبر بؤر توتر جاهزة للانفجار؟
ليس غريبا أن تهتم الدولة الأوربية وأمريكا بشمال أفريقيا، وبأفريقيا جنوب الصحراء بصفة عامة وموريتانيا على وجه الخصوص خاصة بعد الاكتشافات الواعدة التي ذكرتم، فهي تسعى دائما إلى مصالحها الاقتصادية والجيوبوليتيكية، مما قد يعرضها إلى تهديدات أمنية خاصة في منطقة نالت نصيبها من الإرهاب والجريمة عابرة القارات، لكن موريتانيا تعي ذلك جيدا وتسهر على تأمين حدودها وتحافظ على شعبها وتملك جيشا قادرا على ذلك، كما أنها تتبع سياسة خارجية محكمة وتتميز بحسن الجوار.
بعد التطورات التي شهدتها منطقة الساحل من انقلابات وخروج دولها من مجموعة G5 كيف تنظر موريتانيا للأمن والاستقرار في منطقة الساحل؟
مما هو معروف أن فكرة دول الساحل G5 فرنسية بامتياز، وهي من كان يعتمد عليها في الدعم المادي والعسكري، وبالتالي قد أثر خروجها من بعض دول الساحل على تماسك المنظمة وهو ما أدى إلى انسحاب بعضها وخروجه منها، لكن موريتانيا عملت على الجانب الأمني قبل تأسيس منظمة دول الساحل، وكانت لديها مقاربة أمنية رائعة أشادت بها فرنسا وأيدتها واستفادت منها، لذلك هي تساهم إلى جانب هذه الدولة في توفير الأمن والاستقرار حتى في غياب منظمة دول الساحل وتفكيكها، وهي قضية مشتركة بين هذه الدول وتسهر عليها.
كيف ستكون سياسة موريتانيا مع الرئيس السنغالي الجديد الذي يطالب بإعادة النظر في اتفاقيات الغاز والحدود بين داكار ونواكشوط؟
السنغال دولة جارة، ولعلاقتها بموريتانيا مصالح ومميزات تتجاوز الجانب السياسي إلى الجوانب التاريخية والروحية، وكذلك الاجتماعية والاقتصادية وقضية النظر في مشكلة الغاز ترجع في الأساس إلى طلب من الأوبك، وتتطلب تسوية مشتركة بينها وبين الدولتين، ولن يؤثر أو يعكر ذلك على صفو العلاقات الموريتانية – السنغالية.
طرح الملك المغربي مبادرة الأطلسي لربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي، لكن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون موافقة موريتانيا، كيف تنظر نواكشوط لهذه المبادرة خاصة وأن المستفيد الأبرز هو المغرب؟
كل ما يمكنني القول في هذه المسألة هو أن موريتانيا تتمسك بقرارات الأمم المتحدة في المنطقة وتسهر على تحسين العلاقات بين دولها.
آمنة جبران