تتسم الفعاليات الثقافية والتراثية بأهمية كبيرة في تعزيز الهوية الوطنية وتنمية الوعي الثقافي، وقد جاء مهرجان لعيون لتنمية الثقافة والتراث ليكون إحدى هذه المبادرات المميزة التي تستحق التقدير والدعم.
ولأنني تابعت عن قرب جميع تفاصيل المهرجان، أود أن أشارك بعض الملاحظات البنّاءة، التي تنبع من حرصي على تطور هذه التظاهرات وتحسينها مستقبلاً.
أولا..
لا يمكننا إلا أن أشيد بتأثير المهرجان الإيجابي على مختلف الأصعدة، وهذه الإشادة لخصها في أربع نقاط أساسية :
1. الاقتصاد المحلي:
لقد شهدت المدينة تدفقًا هائلًا من المواطنين من جميع أنحاء الوطن، مما أدى إلى زيادة في أسعار إيجار المنازل والشقق، وخلق فرصًا اقتصادية لملاك الوكالات وسائقي سيارات الأجرة والتجار المحليين؛ وحتى الباعة الجائلين والمطاعم استفادوا بشكل ملحوظ خلال الفعاليات الليلية.
2. إحياء التراث والسياحة:
لقد ساعد المهرجان في تسليط الضوء على مواقع سياحية كانت مطمورة أو منسية، ما يعزز من أهمية الحفاظ على هذه الأماكن والترويج لها سياحيا.
3. تنمية الشباب:
كشف المهرجان عن طاقات شبابية مميزة كانت في حاجة إلى الدعم والإشراك، مما يدل على أن هناك إمكانيات غير مستغلة يجب العمل على توجيهها وتنميتها.
4. تعزيز الوعي المجتمعي:
كما خلق المهرجان وعيًا كبيرًا لدى سكان لعيون بأهمية العمل الجماعي والتفاني في خدمة الولاية وتنميتها.
الملاحظات البنّاءة:
لكن ومع كل هذه النقاط الإيجابية، فلا بد من الوقوف عند بعض الأخطاء التي برزت والمراد من ذكرها هنا هو تداركها في النسخ القادمة، والعمل على تصحيحها، وهي:
1. ضعف التنظيم:
لقد بدا التنظيم غير متماسك، حيث غابت الأدوار المحددة بين القائمين على الحراسة والتنظيم؛ فكان هناك تداخل في المهام، ما أدى إلى ارتباك وعدم انسيابية في حركة الحضور.
2. غياب التنسيق في الأنشطة الفنية:
لم يكن هناك جدول زمني واضح للفنانين والمداخلات، مما أثر على تناغم الفعاليات وضياع الوقت بين العروض.
3. قلة الندوات الثقافية:
لقد اقتصرت الندوات على واحدة فقط، وكانت هناك ثلاثة مواضيع في وقت واحد، مما قلل من الحضور والتفاعل رغم وجود نخبة من المثقفين والمحاضرين.
كان من الأفضل تنظيم سلسلة من الندوات والمحاضرات على مدار أيام المهرجان مع تعزيز التوعية والتحسيس بأهميتها.
4. تقليدية المحتوى الفني:
فرغم مشاركة أسماء معروفة في مجالات الفن والشعر، إلا أن المحتوى لم يرتقِ إلى مستوى التوقعات، وكان من الممكن تقديم عروض فنية وشعرية أكثر إبداعًا وتنوعًا.
5. تغييب المواهب المحلية:
كان غياب المطربين والمواهب الشابة من أبناء الولاية أمرًا ملحوظًا، إذ طغى حضور الفنانين القادمين من العاصمة، مما يثير التساؤل حول الهدف من مهرجان يُفترض أن يعزز التراث المحلي دون إشراك أبنائه.
6. تنوع غير منسجم في المشاركات:
تنوعت المشاركات بين الطرب الأصيل والعصري، دون وجود خط واضح يربط بينهما.
حيث كان من الأفضل تحديد موضوع أو اتجاه واحد لكل نسخة من المهرجان يركز على تنمية الولاية والتركيز على هويتها الثقافية.
خلاصة:
إن مهرجان لعيون لتنمية الثقافة والتراث، رغم كل النقاط الإيجابية التي حققها، بحاجة إلى تطوير في جوانب التنظيم والمحتوى والتخطيط.
وبالتأكيد، مع بعض التحسينات في النسخ القادمة، سيستطيع أن يكون منصة حقيقية لإبراز الهوية الثقافية والتراثية للمدينة وتنميتها بشكل أفضل، ويصبح نموذجًا يُحتذى به في تظاهرات ثقافية أخرى وطنية وإقليمية.
المستشار: محمد الأمين ولد واو