تدرّج صفي الدين في المهام والمناصب داخل الهيكل التنظيمي لـ”حزب الله”، وهو حالياً رئيس المجلس التنفيذي، وأحد الأعضاء التسعة في مجلس الشورى، والقائد العسكري للحزب في جنوب لبنان، والأهم من هذا كله أنه أحد أعضاء المجلس الجهادي.
في أعقاب اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في غارة عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، تردّد على الفور اسم السيد هاشم صفي الدين خليفة محتمل له. صحيح أن حزب الله لم يعلن بعد رسمياً من سيخلف نصرالله، وأن نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في ظهوره الأول بعد اغتيال نصرالله لم يحدد تاريخاً واضحاً واسماً للمنصب لكنه قال إن الأمر سيعلن في حينه.
رغم ذلك لا يزال اسم صفي الدين هو الأبرز بين المرشحين المحتملين لخلافة نصرالله.
من هو هاشم صفي الدين؟
صفي الدين هو ابن خالة نصرالله وشبيهه الى حد كبير، سافرا معاً إلى النجف في العراق لدراسة العلوم الدينية في الحوزة العلمية، ثم غادرا النجف إلى إيران بعد حملة إبادة المرجعية والعائلات الدينية التي شنّها الرئيس العراقي السابق ضد الشيعة العراقيين في النجف وكربلاء، واستكملا علومهما الدينية في حوزة قم.
استقرّ صفي الدين في قم سنوات عدة إلى أن استدعاه نصرالله إلى لبنان، للانضمام إلى “حزب الله”.
تدرّج صفي الدين في المهام والمناصب داخل الهيكل التنظيمي لـ”حزب الله”، وهو حالياً رئيس المجلس التنفيذي، وأحد الأعضاء التسعة في مجلس الشورى، والقائد العسكري للحزب في جنوب لبنان، والأهم من هذا كله أنه أحد أعضاء المجلس الجهادي.
يتألف المجلس الجهادي من شخصيات عسكرية مؤسسة لـ”حزب الله”، هي الكتلة الصغيرة التي شكلت نواة “حزب الله” بداية الثمانينات. وعلى رغم اسمه الذي يُوحي بأنه جناح عسكري، إلا أن له أنشطة ومسؤوليات تنظيمية مثل حق الرقابة والتنسيق وترتيب العلاقة بين مجالس الحزب المختلفة ومؤسساته الدينية والاجتماعية والخدماتية، وتقع على عاتق قادته مسؤولية تنظيم المؤسسات المدنية التابعة للحزب، بخاصة تلك التي تدخل في مجال “الجهاد” مثل “مؤسسة الشهيد” و”مؤسسة الجرحى” و”التعبئة الطلابية” و”جهاد البناء”.
صفي الدين هو أكثر أعضاء المجلس الجهادي نشاطاً في المجال السياسي والمدني على سواء، بعكس الأعضاء الآخرين الذين يقتصر نشاطهم على الشق العسكري فقط، مثل فؤاد وشكر وإبراهيم عقيل ووسام الطويل الذين اغتالتهم إسرائيل خلال “حرب الإسناد” وآخرين غيرهم.
صفي الدين شخصية اجتماعية أيضاً، فهو يرأس جمعيات مدنية عدة غير ربحية تُقدّم الخدمات لمحتاجيها، على رأسها “رابطة آل صفي الدين في لبنان”، التي تملك دوراً اجتماعياً رعائياً في الضاحية وفي الجنوب.
صفي الدين من مواليد العام 1964 في بلدة دير قانون النهر في قضاء صور في الجنوب، متزوج من السيدة رائدة الفقيه ابنة العلامة الشيعي يوسف الفقيه الذي قضى باكراً بحادث سير في أبيدجان.
في العام 2020، تزوج بكره رضا صفي الدين من زينب سليماني الابنة الصغرى لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة بغارة صاروخية قرب مطار بغداد، بعيد وصوله بدقائق من زيارة سرية إلى بيروت.
حصلت زينب على الجنسية اللبنانية بمرسوم استثنائي من رئيس الجمهورية آنذاك ميشال عون، وهي تتقن اللغة العربية وتتحدث باللهجة اللبنانية، في حين يشغل رضا موقعاً قيادياً متقدماً في تنظيم الحرس الثوري، ويبدو مواطناً إيرانياً أكثر منه لبنانياً.
حين انتقل صفي الدين إلى إيران، انتقل معه شقيقه عبدالله صفي الدين للعيش فيها أيضاً، وظل مقيماً فيها حتى اليوم، ما سمح له بنسج علاقات عميقة ومتينة مع قادة النظام الأوائل، الى أحد أصبح بمثابة سفير دائم لـ”حزب الله” في طهران، لهذا تبدو خلافة هاشم صفي الدين لنصرالله ثمرة علاقات شقيقه عدا عن كونها مساراً طبيعياً لصعوده التنظيمي.
إضافة إلى ذلك، زكّى زواج نجله رضا صفي الدين بزينب سليماني، تسميته خليفة لنصرالله، حتى أن البعض يعتبر أن ميزة المصاهرة حسمت الأمر قبل اغتيال نصرالله، وسمحت لصفي الدين أن يتخطى كل البروتوكلات التنظيمية الداخلية للحزب، ويزيح اسم نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم من التداول.
هذه هي المرة الثالثة التي يُقترح فيها اسم هاشم صفي الدين علناً لخلافة نصرالله. المرة الأولى كانت في منتصف التسعينات بعد عودته النهائية من إيران، والمرة الثانية خلال أزمة “كوفيد 19″، بعدما التقط نصرالله الفيروس وسرت شائعات عن احتمال وفاته.
بعد إعلان “حزب الله” نبأ اغتيال نصرالله، بدأ التحضير للإعلان رقم اثنين، الذي سيحسم فيه الحزب من سيكون خليفة نصرالله. عادة لا يتهاون الحزب في مسألة تعيين بديل للأمين العام، وقد مرّ في أكثر من محطة استبدال من هذا النوع. أولها، بعد تمرد أمينه العام الأول الشيخ صبحي الطفيلي الذي قاد “ثورة الجياع” في البقاع، اعتراضاً على استحواذ أهل الجنوب على المناصب القيادية في الحزب وتهميش البقاعيين وقضايا أخرى، على رغم أن ظروف تأسيسه الأولى كانت بقاعية، حين استضاف البقاع الشمالي ذو الغالبية الشيعية، وتحديداً بلدة جنتا، أول معسكر تدريب للحرس الثوري الإيراني، واندفاع البقاعيين للانضمام إلى صفوف الحزب الوليد.
أُزيح الطفيلي جانباً وعُيِّن السيد عباس الموسوي مكانه بسلاسة ومن دون أية عراقيل، وما ساعد على استتباب الوضع هو بقاء القيادة في البقاع. في العام 1992، اغتيل الموسوي بغارة جوية استهدفت موكبه على طريق بلدة تفاحتا في جنوب لبنان مع زوجته وابنه، بعد عودته من احتفال مركزي لـ”حزب الله” في جبشيت إحياءً لذكرى اغتيال الشيخ راغب حرب؛ أحد قادة “المقاومة المدنية الشاملة” التي أعلنها الشيخ مهدي شمس الدين في الجنوب أيام الاحتلال الإسرائيلي.
بعد عملية اغتيال الموسوي، انتقلت القيادة بسلاسة أيضاً إلى نصرالله، على رغم الأقاويل التي شاعت حينها بأن الراعي الإيراني اختلف في ما بينه حول الشخصية المناسبة للقيادة، وأن الوقت قد حان لإسناد القيادة إلى شخصية مدنية، إذ طُرح حينها اسم الوزير السابق محمد فنيش، وليس رجل دين، إلا أن التيار الديني المتشدد المدعوم من تنظيم الحرس الثوري حسم الأمر لصالح نصرالله، وتم تعيينه.
تتشكّل قمة الهرم القيادي لـ”حزب الله” من ثلاث شخصيات، وهم: الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله، الشيخ نعيم قاسم وهو أحد مؤسسي “اتحاد الطلاب المسلمين” في لبنان ونائب الأمين العام السابق، والسيد هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي للحزب، والمشرف على الأنشطة الثقافية والاجتماعية والتعليمية (التعبئة الطلابية) للحزب.
وتصنّف الولايات المتحدة الأميركية صفي الدين كشخصية إرهابية، ومن بين التهم الموجّهة إليه تورّطه في تهريب المخدرات بالتنسيق مع فصائل تابعة للحرس الثوري الإيراني، والإشراف على عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات أيضاً