إن المهتمين بالشأن العام يقتربون من الاتفاق جميعا على أن هناك مشكلة حقيقية تصيب عقولنا من نتائجتها البارزة هذا الخلل الواضح الذي يطبع سلوكنا بالكثير من الانحراف والاعوجاج والغرابة مما أثر على جميع مناحي حياتنا الوطنية، فطبع حاكميتنا بضعف واختلال وتخبط وانتهاج الفساد نهجا ودأبا لامحيد عنه ولا بديل ، وجعلنا نختلف عن العالم كله الذي يغذ السير نحو التطور والتقدم وتغيير وجه الحياة نحو الأفضل والأحسن ، فتلك دول انتصرت على الفقر ودول أخرى صارت صناعية ودول تكورت عندها الزراعة ،وأخرى بلغت بناها التحتية شأوا بعيدا، وبلادنا جامدة ثابتة في مكانها لانتقدم قيد أنملة وتتأخر في مجالات كثيرة بدل أن تتقدم ، فبعد أكثر من ستين سنة من الاستقلال تجد نفسها تعيش فوق أرض جرداء تم إفناء وحوشها وحيواناتها وطيورها ودمرت أوديتها وغاباتها ومصادر تجمع مياهها وجردت من غطائها النباتي، حرى كل ذلك دون إحساس منا أو وعي أو ندم أو تفكير فيما جرى لتلك الطبيعة الجميلة التي كنا نملك ١٩٦٠ أو أن الاستقلال وبدل المحافظة عليها صارت أثرا بعد عين !!!
إن من أغرب امورنا أننا نتمظهر بالعقلانية عندما تستمع للإنتاج الأدبي بالفصحاء وبالعامية، فترى أفكارا وحكما وأشكالا من النظر العاقل والحكمة التي لا يجسدها سلوكنا ونشاطنا وتدبيرنا، وحكامتنا، ونتمظهر بأننا مسلمون متمسكون بديننا الحنيف ومحافظين على مبادئه وقيمه نبدوا في مظهرنا متدينين نمارس الشعائر ونتلوا القرآن ونقتدي بالعلماء ونقدرهم ونجلهم، وفي نفس الوقت نجسد في أعمالنا ومعاملاتنا عكس ما يمثل تعاليم ديننا واخلاق السلف الصالح بل إن مانجسد في جميع نشاطاتنا وعلاقاتنا وتعاطينا مع مختلف جوانب حياتنا يدل على تحلل كلي من كل ما يرمز إليه دين الإسلام من نبل القيم والطهر والنقاء لأننا نحل الحرام ونرتكب الموببقات ونتعامل بالكذب والنفاق ،و الغلول والتزوير و الغش ونعتبرها أمور كلها مقبولة وعادية او ضرورية لا غنى عنها فكل أساسيات حياتنا نبدوا فيها غير متمسكين بأي دين أو أية قيم !!!
وهنا نحتاج إلى معرفة أسباب هذا الوضع الذي نعيش، والتناقض الصارخ بين تمظهرنا بالعقلانية والتمسك بالإسلام وبين فساد رأينا وفساد سلوكنا اللذين سببا في فساد دنيانا وآخرتنا وجعلنا مجتمعا ضائعا تائها لا يعلم من أين بدأ ولا أين ينتهى إننا نحتاج إلى معرفة سبب هذا الخلل الذي جعل واقع بلادنا هذا الواقع المتردي كيف أمكن هزيمة كل تعاليم الإسلام وقيمه وتجاربه ؟!!وكيف اندمج الجميع بغض النظر عن عقولهم وعلومهم في ممارسة هذه الحياة الوحشية الحيوانية والانخراط فيها بلا تحفظ ولاتردد وكأنها إجبارية لابديل لها ولا مهرب، أو كانها هي الحياة الصحيحة السليمة المسلمة التي لاتشوبها شائبة؟!!!
التراد بن سيدي