إذا كان السياق الإقليمي الحالي يفرض على موريتانيا وأكثر من أي وقت مضى القيام بمراجعة جدية لعلاقاتها مع تنظيم البوليساريو خصوصا بعد ان أعلنت أكثر من 50 دولة من أصل 80 دولة ، سحب الإعتراف بذلك التنظيم الذى لا تعترف به الأمم المتحدة، فإن المؤشرات المتوفرة تستبعد القيام بمثل تلك المراجعة فى المدى القريب – على الأقل.
ورثت حكومات موريتانيا المنتخبة وضعا معقدا فى علاقات البلاد الدبلوماسية مع جارتها الشمالية الشرقية، الجزائر التى تنظر إلى أي نظام حكم فى انواكشوط لايعترف بالبوليساريو نظرة واحدة وهي أنه: “نظام عدو تابع للملكة المغربية”.
لذلك يجمع المحللون ،على قضية واحدة ، أن الحكومات المتعاقبة على الحكم فى موريتانيا، لا تعترف بجبهة البوليساريو إلا بمستوى أهمية المحافظة على العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر.
وتعلن موريتانيا فى كل مناسبة دولية تناقش ملف النزاع فى الصحراء ، أنها تدعم الجهود الأممية وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة الرامية إلى إيجاد حل سياسي مستدام ومقبول لدى الجميع.
خارج ذلك الإطار المتمثل غالبا فى زيارات يقوم بها أحيانا ، ممثلون لجبهة البوليساريو إلى انواكشوط ، لاوجود مطلقا لأي شكل من أشكال الإعتراف بجبهة البوليساريو داخل موريتانيا.
وفى محاولة من الجبهة لإثبات عكس ذلك يسعى بعض قادتها وفى مناسبات رسمية كبرى بكل وسيلة يبذلون الجهد الكبير من أجل التقاط صورة تذكارية مع رئيس موريتانيا ..!.
وبالرغم من أن المغرب لايقبل المساومة فى قضية الصحراء ويتعاطى مع المواقف المترددة بصرامة وحزم ترجم ذلك من خلال مواقف سياسية ودبلوماسية، إلا أن علاقته مع موريتانيا تتسم بدرجة من المرونة الواضحة ، مستأنسا بوشائج القربى والأواصر التى لاحصرلها التى تربط بين الشعبين الشقيقين (الموريتاني و المغربي ) يتغذيان بتاريخ وإرث ثقافي مشترك حافل.
لايخفى المغرب تفهمه لجارته الجنوبية موريتانيا، وهي تحاول أخذ العصا من الوسط للتوفيق بين مصالحها الاستراتيجية معه فى وقت تواجه فيه الضغوط السياسية والأمنية التي تفرضها عليها الجارة الشقيقة الأخرى الجزائر .
وتشهد العلاقات الموريتانية المغربية حاليا تقدما في العديد من مجالات التعاون، دبلوماسيًا واقتصاديًا وتجاريًا وأمنيًا وعسكريًا ، وستتعزز أكثر مع انضمام موريتانيا إلى المبادرة الملكية الأطلسية وذلك من خلال توفيرهما بشكل مشترك، إطلالة بحرية لبلدان دول الساحل الشريكة فى المبادرة( مالي ، النيجر، ااتشاد ، بوركينا فاسو).
* الشيخ أحمد أمين