sliderالأخبارمقابلات

“عبيدة محمد بوزيد” تتحدث في لقاء مع ” الحرية نت”، عن القضية الصحراوية، العلاقات مع موريتانيا، الوضع الجيوسياسي

(الحرية نت): عبيدة محمد بوزيد، ممثلة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في مملكة الدنمارك، ومديرة سابقة لمديرية الإعلام والاتصال بوزارة الخارجية لـ “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، ودبلوماسية سابقة في بعثةالجمهورية الصحراوية” لدى الاتحاد الأفريقي وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية.

تقيم عبيدة في كوبنهاغن بالدنمارك، أجرت معها “الحرية نت” لقاء حول حادثة الاعتداء على مقر منظمة “غلوبال أكشن” المناصرة لقضايا الشعوب، بالإضافة إلى مواضيع تتعلق بالمنطقة وبعدها الجيوسياسي:

🔴  الحرية نت: نشرت “الحرية نت” خبرا يتعلق بحادث اضرام النار في مبنى يضم مكاتب منظمة “غلوبال أكشن” المناصرة لقضايا الشعوب ومقرها العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، وتم ربطه بممثلية البوليساريو، وتبين لاحقا عدم دقة التفاصيل، نحن نأسف لهذا الخلط الذي تسبب فيه المصدر.

هل لك أن تنيري الرأي العام المحلي والدولي حول حيثيات ما جرى بالضبط؟

عبيدة: فيما يتعلق بسؤالكم الأول عن حيثيات ما جرى:

تصويبًا للرأي العام وحرصًا منا على نزاهة وسيطكم الإعلامي، فإن الاعتداء الإرهابيوالسابقة الخطيرة التي حدثت خلال الساعات الأولى من فجر 13 يناير الجاري،استهدفت مقر منظمة “غلوبال أكشن”. وللإشارة، فإن مبنى المنظمة يحتضن عدةمكاتب، من بينها مكتب الجبهة الشعبية، إلا أن التصويب جاء في النقطة المتعلقةباستهداف شخص ممثل الجبهة، حيث إن الاعتداء تم على مقر المنظمة في ساعاتعادة ما تكون مكاتب العمل مغلقة. ومع ذلك، هناك حيثية خطيرة يجب عدم إغفالها،وهي أن مقر المنظمة يقع في الطابق الأرضي لعمارة بها أربعة طوابق عليا، تحتضنسكانًا لا علاقة لهم بعمل المنظمة أو أنشطتها، مما عرض حياتهم للخطر بشكل كبير. ولولا الفطنة والاستجابة العاجلة، لكانت أرواح بريئة قد زهقت لا علاقة لها بالأمر. ولكنالحمد لله على عدم تسجيل أي خسائر بشرية، رغم الضرر الجسيم الذي أصاب المقروالمكاتب، وإتلاف ما بها من أجهزة ومعدات.

تجدر الإشارة إلى أنها سابقة خطيرة في تاريخ الصراع مع الاحتلال، حيث إن مثل هذهالعمليات الإرهابية عُرفت في زمن نظام الفصل العنصري “الأبارتايد” ضد مكاتبANC، كما اتسم بها الكيان الصهيوني على مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية.

🔴 الحرية نت: تراجع النفوذ الصحراوي في أوروبا، وتخلى أصدقاء تقليديون عن القضية، اسبانيا مثلا، بالإضافة إلى الخطوات التي اتخذتها باريس، كيف حدث ذلك بعد غياب رموز من الصف الأول عن المشهد؟

عبيدة: لا أعتقد أن هناك أي تراجع للنفوذ الصحراوي في أوروبا كما أشرتم.

أوروبا شهدت السنة المنصرمة إماطة اللثام عن مبادرات خطيرة وسوابق من شأنهاكشف الأسباب الحقيقية الكامنة خلف بعض التقهقر والتقاعس في الدفاع عن الحرياتوحقوق الإنسان. فكل من فضيحة التجسس باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية منخلال “بيغاسوس” على رؤساء دول وحكومات، من بينهم الرئيس الفرنسي ورئيسالوزراء الإسباني وعدد كبير من رجال السياسة والإعلام، إضافة إلى النشطاءوالمدافعين عن حقوق الإنسان، معززة بفضيحة الرشوة التي تم كشف حيثياتها فيالبرلمان الأوروبي وعُرفت بـ”موروكو غيت”، قد تكون قمة جبل يخفي ما هو أعظموأخطر من المؤامرات والخطط التي يستقوي بها الاحتلال لإسكات الأصوات الحرةوالمدافعة عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و الاستقلال.

ما تسميه تخلي الأصدقاء التقليديين عن القضية، وإعطاء مثال بإسبانيا، فإسبانياالرسمية لم تكن قط حليفًا للشعب الصحراوي أو قضيته. من كان ولا يزال داعمًا قويًاللشعب الصحراوي هو الحاضنة الشعبية الإسبانية. وأعتقد أن العلاقات في “شقهاالرسمي” قد مرت بظروف أشد خطورة سنوات مضت، حين أغلقت حكومة ليبولدوكالفو سوتيلو سنة 1981 مكتب الجبهة الشعبية في مدريد، لتعود تمثيلية الجبهة بعدذلك إلى عملها. كما أن خطاب رئيس الوزراء الإسباني أمام الجمعية العامة للأممالمتحدة أماط كثيرًا من اللبس حول عديد الادعاءات التي أسالت أقلام الصحف والإعلامبشكل عام.

بخصوص الموقف الفرنسي، أنتم تعلمون أن فرنسا كانت دائمًا الراعي والحاميللاحتلال المغربي في مراميه ومساعيه، وقد ساعدت بالعدة والعتاد في العدوانالمغربي على الشعب الصحراوي. وهذا ليس كلامي، بل ما أثبتته الوثائق وما صرح بهالسفير الفرنسي كريستوف لوكورتييه مستهل العام المنصرم. وعليه، ما نراه اليوم منبهرجة إعلامية وتصريحات هنا وهناك، لا يعدو كونه لعبة مصالح يراد بها كسب أكثروترسيخ أعمق للمستعمر القديم، الذي تعلمون باجتثاث جذوره من كل مستعمراتالأمس بدول الجوار.

🔴 الحرية نت: ماذا عن المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدث، بين المغرب والبوليساريو، لقد ظلت تراوح مكانها من دون مخرجات؟

عبيدة: بخصوص سؤالكم عن موضوع المفاوضات والمسار الذي ترعاه الأمم المتحدة؛احتراما لمبدأ التخصص الذي نتبناه على مستوانا، اقترح أن تجروا لقاء مع الأخ الدكتورسيدي محمد عمار، ممثل الجبهة الشعبية بالأمم المتحدة والمنسق مع بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو)، بهدف تنويرالرأي العام حول هذا الموضوع، رغم أنه جلي أمام الجميع من هو الطرف المعرقللهذا المسار.

🔴 الحرية نت: يجري الحديث عن محور يضم نواكشوط الرباط أبوظبي، عقب زيارة من المزمع أن يقوم بها محمد بن زايد لنواكشوط، تؤسس لمحور ثلاثي يشكل واجهة جيوسياسية جديدة، كيف تنظرون في البوليساريو لميلاد هذا المحور؟

عبيدة: نحن في الجبهة الشعبية لا نعلق على مواضيع ليس لها وقع على أرض الواقع،فالحديث عن مخرجات زيارة مرتقبة لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكمإمارة أبو ظبي سابق لأوانه. ومن المهم الإشارة إلى أن الجبهة الشعبية لم تعارض قطالنماء الاقتصادي أو الاجتماعي لشعوب المنطقة. بل ضحت في عديد المراتبمصالحها في سبيل استقرار ورخاء شعوب المنطقة.

كما أن نظرتنا للعلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف ليست حبيسة الماضي أو ضيق أفقالحاضر، بل تستشرف ما هو في مصلحة موريتانيا وشعوب المنطقة ككل. ومع ذلك،فعلى شعوب المنطقة أيضًا أن تستحضر ما هو جامع وضامن أن يكون الجميع علىقدم واحدة في الوجود أولًا، وفي الاستقرار ثانيًا، وفي الرخاء ثالثًا.

🔴 الحرية نت: العلاقات الموريتانية الصحراوية تمر ببيات شتوي، جعل البعض يرى أن نواكشوط اعترفت ضمنيا بمغربية الصحراء، لا زيارات متبادلة، لا ممثلية لجبهة البوليساريو ترفع العلم، ماذا يجري بالضبط، وهل أنتم راضون عن هذا الوضع؟

عبيدة: في اعتقادي المتواضع جدًا، لا مكان للسبات الشتوي بين الدولتين أو الشعبينالشقيقين.

زيارة رئيس الجمهورية الصحراوية والأخ الأمين العام للجبهة منذ ما يربو على خمسةأشهر لنواكشوط، من أجل حضور مراسم تنصيب أخيه فخامة الرئيس السيد محمد ولدالشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، بالإضافة إلى العديد من الزيارات المتبادلة بينالوفود من البلدين في فعاليات ثقافية، كما هو الحال في مشاركة الوفد الصحراوي فيالمهرجان الثقافي في مدينة أوجفت ضمن فعاليات نواكشوط عاصمة الثقافةالحسانية، إضافة إلى اللقاءات الحزبية والسياسية وحتى الاجتماعية في السنةالمنصرمة.

🔴 الحرية نت: توجد موريتانيا في وضعية محرجة بين الشقيقين الجزائر والمغرب كلما كانت هناك حميمية في العلاقة مع أحد الطرفين صب الطرف الآخر جام غضبه على نواكشوط من خلال نخبه ومدونيه، هذا التصرف نعتبره في نواكشوط محاولة لفرض الوصاية على قرارنا السيادي، هل يرجع ذلك إلى تذبذب الموقف الموريتاني من القضية الصحراوية؟

عبيدة: لا أعتقد أنني في مقام الإجابة عن التجاذبات بين الإخوة الجزائريين وأذرعالاحتلال المغربي،ولا أقول الشعب المغربي، فأغلبه بريء من هذه الأفاعيل-. بخصوص الجزائر فإن التجربة والتاريخ أثبتا أنها لم تتدخل قط في السياسات الداخليةللدول، أو في مؤامرات من شأنها زعزعة أمن واستقرار الدول، كما ان التجربة و التاريخاثبتا ايضا أن مواقفها مبدئية وثابتة في النضال عن الحق، وهي حليف يُعول عليه *“يُومْلَكْرِيهَا”*.

فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين موريتانيا ودول أخرى من الجوار أو غيره، أعتقد كماأشرتم أن الأمر سيادي ولا يمكن أن يكون لنا تعليق حوله. أما فيما يتعلق بالموقفالموريتاني من قضية الشعب الصحراوي، أقول إنه آن الأوان لتحكيم المصالح السياديةأولًا، والأمنية والاستراتيجية ثانيًا لموريتانيا فيما يتعلق بهذا الملف. فنحن جميعًا علىدراية بالنتائج الوخيمة لسياسات الاستعمار والاستحواذ التي تتهددنا جميعًا.

🔴 الحرية نت: يرى البعض أن الحياد الموريتاني ليس حيادا إيجابيا، أي لم يسهم في حلحلة الأزمة، ماذا تأملون أن تقوم به نواكشوط ضمن هذا الملف؟

عبيدة: لست بصدد الحكم على موقف الحياد الذي تتبناه الدولة الموريتانية في ملفيتعلق بشعب شقيق ومصير مشترك، لكن المأمول في “أمة حسان” كحاضنة لناجميعًا، سأختصره في بعض الاقتباسات من قصيدة للشاعر أحمدو ولد عبدالقادر،حيث تقول:

وادي الأحبة هلاّ كنت مَرْعَانَا؟

إن الحبيبَ حبيــــــــبٌ حيثُما كَانَا

ويا أخا البُعد هل تشفيـــك قافية

تبوح بالنفس أنفاســــا وأشجـــانا

أفًّ على الشعر والدنيا بأجمعها

مــا لم تقرب إلى الإخوان إخوانا

هوِّن عليك فذاك الشمل مجتمع  والنجع لاقى على التحنـان خلانا

وشائج الأرض أقوى في نوازعنا

والحر ينسى طباع الحر أحيانا

أحبــــابنا الأهل مرحى يوم مقدمكم  هذا لقــانا فهل تنضم أشلانا؟

نروي لأبنائنا فخر الجدود ولا

نبدل الشوك عبر الدرب ريحانا

أحبابنا الأهل لا شط المزار بكم

بعد التداني ولا ملته دنيانا

لولا المرابع والذكرى لما انطفأت

بعض الحروق التي تشوي حنايانا

فيم التفرّق والأهداف تجمعنا؟

لا يعلم السرإلا الله مولانا

ما كان أقربكم منا وأبعدكم

ما كان أقربنا منكم وأدنانا

كم ذا أخاصم قلبي حين أهجركم  وأمتري منه سُلوانا ونسيانا

ويرفض القلب أن تنأى قلوبكم

إن الحبيب حبيب حيثما كانا

🔴 الحرية نت: هل من كلمة توجهينها لشعوب المنطقة وخاصة الشعب الموريتاني؟

عبيدة: كلمتي لشعوب المنطقة:

على شعوب المنطقة أن تعي أن 50 سنة من المعاناة، 50 سنة من التضحيات، 50 سنةمن مجابهة الويلات، القهر والمحاولات الحثيثة للقضاء علينا، كافية لجعل هذهالشعوب تتخذ ردة فعل. فنحن لا نطالب بالمستحيل، ولا نريد القضاء على وجود أحد،ولا نشكل مصدر تهديد وجودي لأحد. ما نريده هو تقرير مصيرنا وحقنا في الحريةكباقي شعوب المنطقة.

ولنخب موريتانيا أقول: حان الوقت لتغليب مصالح البلد العليا على الذوات ومصالحهاالضيقة. فالفرد رفاهه، كما تعلمون، ورفعته ورخاؤه مرهون برفاه وأمن واستقرار ورخاءالكل.

وللشعب الموريتاني أقول: *“مَا يَبْتطْ فْلَفْرِيݣْ اللّي اَخُوتُو فَلْغَزِّي”*.

أجرى الحوار: محمد نعمه عمر

#الحرية_نت

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى