sliderالرياضة

هل يصبح منتخب موريتانيا الحصان الأسود عربيًا وأفريقيًا ؟

منتخب المرابطون

الحرية نت: رياضىة ـ لم تكن موريتانيا تحلم بأفضل من ذلك .. فبعد سنوات طويلة من العجز انقلبت الأوضاع رأسا على عقب .. تحول العجز الى إعجاز ليبتسم المشجع الموريتانى لأول مرة .. بعدما بدأ يشعر بالفخر والاعتزاز بعد امتلاكه لفريق يستطيع أن يرسم الفرحة على الوجوه.

تبلغ مساحة الصحراء فى موريتانيا حوالى 78 % من مساحة البلاد، ولاتزال موريتانيا فى حاجة ماسة للمساحات الخضراء وإنشاء العديد من الملاعب الكبرى من أجل اكتشاف الكثير من المواهب الفذة والكشف عن الجواهر الثمينة التى تخفيها رمال الصحراء، ومن هنا يبدأ مخطط تحويل موريتانيا الى رقم مهم فى الكرة الأفريقية وحصان أسود جديد فى القارة المليئة بالمواهب. تضم العاصمة نواكشوط الملعب الأوليمبي الحديث الذى لم ينته ترميمه حتى الآن بطاقة استيعابية تقدر بـ 10آلاف متفرج، وملعب شيخا بيديه بعد زيادة مدرجاته لتتسع الى 9 آلاف متفرج، وهناك الملعب الوطنى فى مدينة انواذيبو وكذلك ملعب آخر فى مدينة أزويرات لكنها ملاعب لا تكفي لتطوير الكرة بالبلاد بالشكل المنتظر، ولذلك فان هناك مخططا كبيرا من الحكومة الموريتانية بتدعيم تلك المنشآت الضخمة بمساعدة بعض التدعيمات الخارجية، وهناك أصوات عديدة تطالب المستثمرين العرب بإنشاء ملاعب كبرى فى البلاد الموريتانية لعلها تكون طاقة النور التى تفتح آفاقا جديدة للإبداع، فنجوم منتخب موريتانيا يحلمون بملاعب متطورة تمنحهم القوة والثقة فى مواجهة كبار القارة. وقد دخلت موريتانيا فى شراكة قوية مع اليابان لاعادة تخطيط العاصمة نواكشوط وبلاشك ستجد الملاعب نصيب من الاهتمام.

فدياكيتى وأعوانه لديهم طموحات كبيرة وحان وقت التنفيذ إسماعيل دياكيتى أحد أهم نجوم الفريق والمحترف بفريق اتحاد تطاوين التونسي والبالغ من العمر 26 عاما أكد سعادته الكبيرة بما تحقق من انجاز لإسعاد كل موريتانى قائلا : ” منذ أن لعبت الكرة لأول مرة فى حى السبحة بنواكشوط وأنا أحلم بتلك اللحظة .. لم أتوقف أبدا عن الحلم .. ولعبت لعدة فرق فى تونس ثم السعودية والمغرب قبل العودة مرة أخرى لتونس، وخلال كل هذه السنوات كنت ألعب لمنتخبات الناشئين منذ عام 2010 لكن منذ انضمامى للمنتخب الأول فى يوليو 2013 ، وأنا لا أفكر سوى فى الوصول لأمم أفريقيا وكنت محظوظا بتسجيل الهدفين أمام بتسوانا خلال مباراة التأهل. ويضيف دياكيتى : ” مخطئ من يظن أن لاعبى الفريق هم السبب فيما تحقق .. لأن الحقيقة تؤكد وجود شعب رائع كان من حقه أن يفرح ويحتفل”. يبدو أن ثقة دياكيتى فى فريقه كبيرة وهو ما دعاه للتأكيد على أن المنتخب الموريتانى سيكون الحصان الأسود فى أفريقيا خلال السنوات القادمة مشددا على توافر العديد من اللاعبين المميزين بصفوف فريقه. وأشار دياكيتى إلى أنه يتمنى الاحتراف بأوروبا من بوابة التألق فى أمم أفريقيا القادمة.. لكن الأهم هو عدم شعور الجماهير الموريانية بالخجل منا.. علينا أن نمنحهم الثقة والفخر. أما زميله مولاى أحمد خليل الشهير ببسام فيرى أن تأهل بلاده لأمم أفريقيا بمثابة فرصة ذهبية له لإثبات قدراته الفنية بعدما وصفه الكثيرون بميسى موريتانيا. مولاى خليل نال لقب ” بسام” أسوة بشخصية كرتونية فى مسلسل كابتن ماجد الشهير.. وهو ما يعلق عليه اللاعب الموريتانى بقوله “أنا عاشق لكرة القدم منذ صغري.. وأتمنى أن أصبح لاعبا مشهورا فى العالم كله”. برزت نجومية بسام مع الجولة الأخيرة من تصفيات كأس أفريقيا للمحليين 2013، عندما أقحمه الفرنسي باتريس نوفو مدرب موريتانيا آنذاك في مباراة العودة ضد السنغال، والتي كان يتوجب على منتخب موريتانيا تسجيل هدفين للتأهل للنهائيات، نظرًا لكون منتخب السنغال لديه أفضلية بفوز في داكار بهدف. تمكن النجم الشاب في أول ظهور له من تسجيل هدف رائع في شباك السنغال ومنذ ذلك التاريخ وهو لاعب أساسي بالمنتخب الأول الموريتانى بل أصبح من كبار اللاعبين سنا ومكانة. هناك لاعب آخر مرشح بقوة للتألق فى المستقبل القريب هو المهاجم الخطير كاسا كمارا المحترف بنادي سكودا زانثي اليوناني، والذى ولد وتربى فى فرنسا لكنه يشعر بالفخر لتواجده مع منتخب المرابطون. كمارا رفع راية التحدى مبكرا مؤكدا أن أعضاء فريقه تعاهدوا على تقديم عروض قوية لإسعاد الجماهير مقدما الشكر للجهاز الفني للفريق بقيادة مارتينيز.

ثورة كروية

كل المشاهد تؤكد أن هناك ثورة كروية حقيقية فى موريتانيا، فخلال أعوام قليلة بات لموريتانيا الكثير من النجوم فى الخارج، ويتوقع الكثيرون احتراف العديد من اللاعبين خلال فترة قصيرة . فهناك لاعب يدعى عبد القادر ثيام يلعب لموناكو الفرنسي وغيره العديد من زملائه الذين هاجروا الى أوروبا فى سن مبكرة، وهناك لاعبون مرشحون للانضمام لبعض المنتخبات الأوروبية لحصولهم على جنسيات أخرى، وهو ما حدث بالفعل مع ” ثيام” الذي لعب لمنتخب فرنسا تحت 16 عاما لكنه ينتظر نداء المنتخب الموريتانى، وهناك اللاعب الشاب محمد سالم الشهير بديانوس الذي يقدم مستوى طيب مع فريق برقان الكويتى أحد فرق الدرجة الأولى ، فيما أصبح اللاعب عبد الله الكوري الملقب بسعدون أول موريتانى يلعب فى دوري الخليج العربي، حيث يلعب لفريق الإمارات ويبلغ من العمر 25 عاما ويعد من أهم مواهب موريتانيا.

مخطط مارتينز

جاء مارتينز لاعب منتخب فرنسا والمدرب السابق لفريق بريست الفرنسي لموريتانيا وهو لا يعلم ماذا تخبئ له الأقدار .. لكن منذ تسلمه المهمة فى 2014 وهو يحاول البحث والتنقيب عن بعض المواهب فضم بعض اللاعبين أمثال عبد الله با من أوكسير الفرنسي وبكارى من الدفاع الجديدى المغربي وحمزة جاورا وخاسا كمارا وغيرهم . تحدثنا إلى مارتينز الذى أكد أنه عمل مع موريتانيا بوعى وإخلاص، حيث لم يترك شئيا للصدفه ـ على حد تعبيره ـ واعتبر أن تلك التجربة بمثابة شهادة ميلاد حقيقية له كمدرب أمامه فرصة كبيرة لإثبات الوجود فى قارة أفريقيا ليكرر تجارب العديد من المدربين الفرنسيين الذين نجحوا مع المنتخبات السمراء. يقول مارتينز ” لم يكن من السهل أبدا العمل مع فريق لم يتأهل يوما الى البطولة القارية .. هذا أمر صعب للغاية، مؤكدا أن التجربة كانت محفوفة بالمخاطر.. لكنى وجدت طموحا كبيرا لدى الاتحاد الموريتانى للكرة ورئيسه ولد يحيى وهو ما دفعنى لقبول التحدى .. وقد نجحت”. ويضيف المدرب الفرنسي : ” أكثر ما يعجبنى فى اللاعب الموريتانى هو الإصرار .. وهو السبب الأول لنجاحنا “. وأشار مارتينز الى أنه يخطط الآن لصناعة تاريخ آخر للمرابطين فى اول ظهور رسمى فى أمم أفريقيا قائلا : ” لو منحتنى الظروف الفرصة للاستمرار مع الفريق سوف ألعب على هدف واحد وهو النجاح”. وحول ترشحه لجائزة أفضل مدرب فى أفريقيا خلال 2018 أكد مارتينز أن ذلك يعد شهادة تقدير كبيرة له، وهو ما يمنحه دفعة قوية للاستمرار على نفس النهج. الاتحاد الموريتانى لم يحسم مصير مارتينز حتى كتابة هذه السطور، وإن أكد أحمد ولد يحيى رئيس الاتحاد إعجابه بالمدرب الفرنسي ورغبته فى استمراره لمنح الفريق مزيدا من الاستقرار.

طفرة دون صدفة 

الطفرة الكروية الموريتانية لفتت الأنظار بقوة فى جميع أرجاء أفريقيا، لكن السودانى محمد عبد المنعم الشهير بشطة رئيس اللجنة الفنية السابق بالاتحاد الأفريقى لكرة القدم يرى أن ما حققه منتخب “المرابطون” بمثابة الانجاز الكبير لكنه ليس وليد الصدفة. وقال شطة لـ ” الإذاعة والتليفزيون” كنت أتوقع منذ عدة سنوات أن تتطور الكرة فى موريتانيا بفضل التخطيط والعمل الجاد لكننى فوجئت بتلك الطفرة السريعة. وأضاف شطة : ” موريتانيا تلقى تعاطفا كبيرا فى أفريقيا وأى متابع للكرة الأفريقية يتمنى ظهور منتخبات جديدة.. أعتقد ان الكاف سعيد بتلك التجربة “. ويشير شطة إلى أن هناك بلدان أفريقية عديدة لم تخطو بعد الخطوات المنتظرة للأمام، وربما تكون موريتنانيا مثالا حيا لتشجيع كل البلدان الفقيرة على العمل من أجل دخول التاريخ الكروى”. ويتوقع نجم الكرة السودانية السابق أن تواصل موريتانيا كسر حاجز الخوف وتحقيق نتائج طيبة فى المستقبل القريب والبعيد، مشيرا إلى أنه بإمكان منتخب “المرابطون” أن يكون الحصان الأسود فى أمم أفريقيا القادمة.

معدل الأعمار كبير

أما المصري عادل كريم المهتم بالشأن الكروى الأفريقى والذي يعمل فى إدارة الإعلام بالكاف منذ 7 سنوات.. فيرى أن ما حققته موريتانيا نتاج دراسة وتخطيط وعمل مخلص رافضا وصف ما حدث بالمفاجأة أو الحظ. يقول كريم :” بلا شك أن موريتانيا بذلت جهدا كبيرا من أجل الوصول لتلك المرحلة، فبعد كثير من الانسحابات والعروض السيئة والنتائج الكارثية أحيانا أصبح للبلاد فريق جيد يلعب كرة قدم حديثة، وأرى أن رئيس الاتحاد أحمد ولد يحيى بذل جهدا خياليا من أجل ذلك الحلم ورهانه على الفرنسي مارتينز جاء فى محله، حيث لم يتول المدرب الفرنسي قيادة فريق كبير من قبل لكنه ولد يحيى منحه الثقة ونجح فى تكوين فريق قادر على صناعة الفارق. وأشار عادل كريم الى أن هناك تطورا هائلا فى الكرة الموريتانية منذ 2013، لكن موريتانيا تحتاج الى الاستمرارية وإحداث تغيير حقيقى فى الدوري المحلي ومساعدة الشباب على الاحتراف فى أندية كبيرة عربيا وأوروبيا. ولم يستبعد كريم أن تصبح موريتانيا الحصان الأسود فى أفريقيا خلال العام الجديد وتكرار تجربة بوركينا فاسو التى لم تكن أبدا من الفرق الأفريقية المعروفة حتى أصبحت فريقا شرسا يخشاه الكبار. لكن كريم نصح أصحاب القرار فى المنتخب الموريتانى بالنزول بمعدل الأعمار الكبير بالفريق قائلا :” منتخب المرابطون يضم عددا من اللاعبين كبار السن ولابد من الدفع بعدد أكبر من الشباب”. وأضاف :” موريتانيا تضم العديد من المواهب وتحتاج فقط للتنقيب”.. مرشحًا اللاعبين الموريتانيين بغزو الملاعب العربية سواء فى دول شمال أفريقيا أو دول الخليج . وأشار الى تواجد عدد كبير من اللاعبين الموريتانين فى تونس وأصبح العدد مرشح بقوة للزيادة. الإعلام الموريتانى يساند ويدعم فريقه بشكل غير مسبوق .. ربما خلقت النتائج الجيدة أجواء رائعة. الشيخ يب ولد أعليات الإعلامي الاماراتى و الباحث الأكاديمي في العلوم السياسة و العلاقات الدولية بكلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس وصف انجاز منتخب المرابطون بالمخاض العسير . وقال ” حتى وقت قريب كان المنتخب الموريتاني يقبع ذيل ترتيب المنتخبات العالمية، حيث احتل المرتبة 206 سنة 2012 كأسوأ تصنيف في تاريخه، وذلك لسبب أنه ظلَ محروما من المشاركات الدولية نتيجة انسحابه من التصفيات المؤهلة لنهائيات 2010 في عهد الاتحادية الموريتانية لكرة القدم السابقة.. وقد يظن البعض أن تأهل المنتخب الموريتاني جاء صدفة أو نتيجة لرفع الاتحاد الأفريقي من عدد المنتخبات ليصبح 24 منتخبا في النهائيات، حيث يتأهل الأول و الثاني من كل مجموعة، بدل 16 منتخبا، إلاَ أن الواقع يقول عكس ذلك فالمنتخب الموريتاني تصدر مجموعته التي تضم كلا من آنجولا و بوركينا فاسو إضافة إلى بتسوانا، كما أنَه تأهل قبل الجولة الأخيرة من التصفيات برصيد 12 نقطة حققها من 5 مباريات فاز في 4 منها وخسر واحدة أمام المنتخب الأنجولي في لواندا. ويضيف : “تمكن المرابطون من كسر المستحيل نتيجة للعمل المستمر و التجانس و التناغم.. تأهل حلمت به أجيال من الشعب الموريتاني الشغوف بكرة القدم و طال انتظارهم له. واكد الباحث الموريتانى أن تأهل المنتخب الموريتاني يؤكد تغيير الخريطة الكروية في القارة السمراء، و يوحي أنه لم تعد هناك منتخبات صغيرة متواضعة و أخرى كبيرة و قوية، و ربما يشكل هذا المنتخب المفاجأة في النهائيات المنتظرة صيف 2019. أما الإعلامى الموريتانى أحمد لمام فأكد أن جماهير بلاده كانت تذهب للمدرجات وهى على يقين لخسارة فريقها لكن الأحوال تغيرت تماما وبات لموريتانيا فريق يستحق التحية والتقدير. وطالب لمام قيادات اتحاد الكرة فى بلاده بخوض لقاءات ودية كبيرة مع فرق عظمى لوضع منتخب المرابطون على الخريطة العالمية، مشيرا الى أن أعدادا كبيرة من الجماهير سوف تسافر خلف فريقها فى بطولة أمم أفريقيا فى أى مكان سواء بالمغرب أو أى دولة أخرى بعد سحب تنظيم أمم أفريقيا من الكاميرون.

وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى