
لا حول ولا قوة إلا بالله.. أزهقت أمس عشرات الأرواح من مجتمع “الفولان” في هجوم مسلح على قرية “أوجوساجو” وسط جمهورية مالي..
إنها كارثة حقيقية سيكون لها ما بعدها بدون شك.. ورغم أنه لم يتم حتى الآن الإعلان عن تبني المذبحة، فإن أصابع الإتهام تشير إلى ميليشيا مشهورة بتحالفها مع الحكومة المالية، تدعى “دان نا أماساغو” التي تعني “الصيادون الذين يثقون بالله” بلغة “الدوغون” وهم جزء من مجتمع “بمباره” الذي يشكل أغلبية الشعب المالي.
حسب معرفتي بالمعطيات، تتسم الدولة ومؤسستها في مالي بضعف شديد، يكاد يجعلها ضمن تصنيف الدول الفاشلة أو شبه الفاشلة، خاصة بعد ما شهده شمال مالي في السنوات الأخيرة، من فوضى وصراعات سياسية أقوامية، إضافة إلى تفشي الإرهاب والجريمة المنظمة. ولعل أبرز ما ميز تلك الصراعات بشكل عام هو ظهور تنافس قوي بين الدولة من جهة والتنظيمات الإرهابية من جهة أخرى، على الاستغلال السياسي للتنوع القومي في مالي والزج بالأهالي في أتون الصراع من أجل السلطة والحكم..
لكن ما هو أخطر من كل ذلك، هو استمرار الحكومة المالية- حتى بعد البدء في تنفيذ اتفاق باماكو بينها مع الحركات الانفصالية في الشمال- في ممارسة لعبة قذرة هدفها تغذية التناحر والإقتتال بين وداخل مختلف المكونات القومية في مالي، عبر العمل على اختراق الحركات السياسية المطالبة بحقوقها الثقافية واحترام خصوصياتها المحلية، من خلال خلق ودعم وتسليح مليشيات مرتزقة تناور بها وتضغط بها على تلك الحركات..
ومن المؤسف حقا بأن الحكومة المالية- بدل أن تستخلص الدروس والعبر من مخاطر ذلك التكتيك خلال تجربتها الماضية في الصراع مع الحركات في شمال مالي- فقد قامت في السنوات اﻷخيرة، بتعميم تلك الممارسة في مناطق وسط مالي بعد شماله..
وفي ذلك السياق، ظهرت سنة 2015 “كتيبة ماسنه” ذات الأغلبية من مجتمع “الفولان” وقائدها “آمادو كوفا”.. واليوم.. تثأر الحكومة المالية عبر مليشيا “صيادي الدوغون”، مرتكبة مذبحة “الفولان” في قرية “أوجوساجو”.
وتلك نتيجة حتمية للممارسات التي تميز نموذج الدولة الفاشلة، حيث تضيع الحقوق الثقافية في معارك الإستغلال السياسي للتنوع القومي بين الدولة والتنظيمات الإرهابية.
من صفحة محمد السالك ولد ابراهيم