sliderصحافة المواطن

“الدبوس”.. لعبة موريتانية تقليدية تقاوم الاندثار

كغيرها من الألعاب والرقصات الشعبية التقليدية، تقاوم لعبة “الدبوس” في موريتانيا خطر الاندثار بسبب تحولات اجتماعية متسارعة دفعت بممارسيها إلى الهجرة من البادية إلى المدينة.

وتصنف هذه اللعبة التقليدية ضمن أقدم الرقصات الشعبية في هذا البلد المغاربي، إذ يعود أصلها إلى زمن الفتوحات الإسلامية والحروب القبلية كما ارتبطت بشريحة الأرقاء السابقين.

وعلى خلاف باقي الألعاب التقليدية الأخرى التي لا تشترط أي خبرة أو تجربة مسبقة، لا يمارس رقصة الدبوس إلا محترفون خبروا المبارزة بالعصي ويملكون مؤهلات بدنية ومهارات قتالية واستعراضية.

وتنتشر لعبة الدبوس المعروفة أيضا باسم “أنيكور” في المناطق الريفية الموريتانية وتقام في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والأعياد، حيث يعهد إلى شخصين مختصين في اللعبة بمهمة صناعة الفرجة والمرح لإسعاد الضيوف.

تشترط لعبة الدبوس أنواعا خاصة من العصي الصلبة حتى يزيد قرعها إيقاعا موسيقيا للعبة ولحماس الجمهور
تشترط لعبة الدبوس أنواعا خاصة من العصي الصلبة حتى يزيد قرعها إيقاعا موسيقيا للعبة ولحماس الجمهور

وعلى إيقاعات الطبول التي تقرعها النساء لإضفاء الحماس على اللعبة، يحمل أحد المتبارزين عصاه معلنا دخول حلبة المبارزة حيث ينتظره منافس يشهر هو الآخر عصاه متوعدا بالتفوق والانتصار.

وعلى وقع صيحات الجمهور وزغاريد النساء، يتبادل المتنافسان ضربات العصي فيما بينهما في محاكاة للصراعات والمعارك الذي كان يخضوها الأرقاء السابقون عند الآبار للحصول على الماء.

وبالإضافة إلى شرط التجربة والمؤهلات البدنية، تشترط لعبة الدبوس أنواعا خاصة من العصى الصلبة حتى يزيد قرعها إيقاعا موسيقيا للعبة ولحماس الجمهور.

وتنقسم لعبة الدبوس إلى صنفين، فالنوع الأول يسمى “اشوطيرة” وهو أسلوب مبارزة سريع بالعصي،  و”آمشيد” وهو عكس الأول، ويقوم على المبارزة بإيقاع بطيء يخلو من العنف والتنافس.

تحديات وجهود لإعادة الاعتبار

وكغيرها من الفنون الشعبية التقليدية في المنطقة المغاربية، تواجه لعبة الدبوس تحديات جمة فرضتها هجرة ممارسيها إلى المدن مما أدى إلى تراجع حضورها في المناسبات والحفلات الشعبية.

في هذا الصدد، يقول محمد عالي بلال، رئيس مركز ترانيم للفنون الشعبية الموريتانية، إن الدبوس تواجه “قلة الممارسين وعدم إتاحة الفرصة للأجيال الصاعدة لتعلمها”، محذرا من احتمال اندثارها إذا لم تسارع السلطات الحكومية لدعم المشاريع الرامية لحمايتها.

وتعمل هذه الجمعية التي احتفلت مؤخرا بمرور 10 سنوات على تأسيسها على إعادة الاعتبار للعبة الدبوس، وتعمل من حين لآخر على تنظيم ورشات وملتقيات فنية في محاولة لأحيائها إلى جانب فنون شعبية أخرى تقاوم الاندثار.

وقال بلال في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، إن المركز نجح بجهوده الذاتية في التعريف باللعبة وفي نفض الغبار عنها، مؤكدا أنه “أعدنا كل هذه الفنون للواجهة من جديد بعد أن كادت تكون في طي النسيان وتعرف الجمهور على أبطال وممارسيها، الأمر الذي ساهم في تحويل هذه الفنون إلى مهن تعود بالنفع المادي على ممارسيها”.

إلى جانب ذلك، يعمل المركز منذ مدة على إعدادا ملف لإدراج اللعبة مستقبلا ضمن قوائم اليونسكو للتراث العالمي غير المادي، إلى جانب فنون شعبية أخرى تقاوم الاندثار.

وعن تلك الجهود يقول محمد عالي بلال “نسعى لإدراج هذه اللعبة كفن شعبي موريتاني وتسجيلها في قوائم اليونسكو بالإضافة إلى بقية الأنماط الشعبية الأخرى كالمدح وبنجه ودكداكه والردح”.

وتابع “بدأنا بالفعل في توثيق هذه الفنون سمعيا وبصريا، لكن الطريق طويل خاصة مع فقدان التجاوب مع الجهات الحكومية المعنية التي إن ساهمت فلا شك ستسهل المهمة وتسرع الإجراءات.

أصوات مغاربية

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى