sliderالمبتدأ

“فظّتْ” رجال الأعمال “مسكونه”

كنتُ ذات يوم سأرفع دعوى قضائية ضد أخي وصديقي الرئيس بيرام، عندما قال لنا في حشد من أنصاره “افظيمة في البيظان” ثم تذكرتُ أنه لا يسبُني وحدي، وإنما يسُبُ نفسه وأنصاره، حين لم يقل البيظان “الدخن”..
لم يكن بيرام يسبُ أحداً في الواقع، بل كان يسعى لتكريس حالة شعورية، يريد إيصالها إلى بعض مناصريه، خاصة أولئك الذين يرون أنهم تحرروا ونالوا جميع حقوقهم لحظة سماعهم ” افظيمة في البيظان”..
نعم، تعرض بيرام لملاحقات قضائية وللسجون، قبل انتخاب الرئيس ولد الغزواني، ولم ترفع أيُ جهة حكومية، منذ العام 2019 أي دعوى ضدّ بيرام الذي سبّ النظام، وقال عن الحكومة ما لم يقل مالك في الخمر، وسبّ البرلمان، وكان ديدنه في كل خرجة إعلامية سبُ الوزراء، وأحياناً يسُبُ القضاةَ والقادة العسكريين والأمنيين، أما الساسة فهم مفسدون ومختلسون للمال العام، في نظره..
لو كانت الحكومة، أو كان الرئيس ولد الغزواني يبحثون عن “موجب” لتغييب Biram Dah Abeid لوجدوا مبتغاهم في السنوات الأربع الماضية، ولما حصل على ما حصل عليه من مكاسب في البرلمان.
الرئيس بيرام نفسه يتعرض لكم كبير من التنمر والسب من العامة، وحتى من الساسة، ولكنه مثل النظام، من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، إذ لم يرفع أي قضية تشهير بشخصه أمام القضاء..
عاديٌ أن لا ينطبق الامرُ على الدكتور محمد ولد مولود، فهو سياسي من جيل يتفرجُ على كفاحه ضد الرجعية والاسترقاق يُنسبُ لبيرام..
ولد مولود “اركيك جلو” ويتراجع مستواه الشعبي عقب كل انتخابات، ويُواجه خلافات عميقة مع بعض رفقاء النضال، ومنهم من يتهمه بالارتماء في أحضان الرجعيين، وكانت الكارثة بالنسبة له، وللمتشبثين به أن يشهد عليه بيرام بأخذ نصف مليار أوقية من رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو..
من المنصف الاعتراف بأن السلطة التنفيذية، لو كانت تتبنى فكرة تصفية الحسابات مع النائب برام الداه اعبيد؛ لكانت لجأت إلى ذلك طوال السنوات الماضية، التي كان وما يزال يتحدث فيها بما يحب دون أن يقول له أحد “ما احمر وجهك”.

لم يكن ولد مولود حصيفاً في رفع الدعوى، لأن العلاقة بين السياسيين، رغم ما يطبعها من مشاكسات ومناكفات، يجب أن تظل في إطار النقاشات والرأي والرأي الآخر، ويفسدها، بل ويسيء إلى الممارسة السياسية برمتها اللجوء إلى القضاء في أمور تافهة..
أقول” تافهة” لأن ولد مولود لم ينف أنه أخذ مالاً من بوعماتو أصلاً، مثل بيرام تماماً، لكن الأخير أشهر المبلغ الذي أخذ، وأشهر المبلغ الذي يرى أن ولد مولود قد استلمه من رجل الاعمال، مع أن بيرام لم يكن يسعى بتصريحاته تلك إلا للتدليل على أن الصرف في الحملات الانتخابية كبير، وأن جميع الساسة يتلقون المعونات غير المشروطة، وأن نصيبه كان أقل بكثير من نصيب غيره من المترشحين..
قانونياً لا يمكن أن نطلب من الحكومة الحيلولة دون رفع ولد مولود لشكوى من بيرام، كما لايمكن أن نطلب منها منع بيرام، غداً، من رفع شكوى ضد محمد جميل منصور ، أو Elid Mohameden Mbareck ، كما لا يمكن للحكومة، بعد كل ما حدث، أن تتدخل لسحب شكوى تقدم بها مواطن موريتاني من مواطن آخر لتنفي عن نفسها تهمة تحريك الأول ضد الأخير؛ هذه خفة لا تليق بالأفراد أحرى بالحكومات !
سمعتُ من مقربين من بيرام أن رجل الاعمال محمد ولد بوعماتو توعدَ رئيسهم بأن يُعيده للقاع، وتلك فتنة طهّر لله منها سيوف الحكومة..
في اعتقادي أن “فظّتْ” رجال الأعمال “مسكونة” تماماً، مثل ما نسمعه عن الذهب، عند أسلافنا، لذلك، يجبُ على كل من أخذ مالاً، قلّ أو كثُر، من أحد رجال الأعمال، أن يدعوّ الله نزول البركة، والستر، والوقاية من القيل والقال..

✍️عبد الله أتفغ المختار

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى