sliderالمغرب والساحل

السمارة.. حين يتحول الاحتفاء بحرية الصحافة إلى مرآة لتجاهل الإعلام المحلي

الحرية نت – السمارة: في وقت تحتفي فيه دول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، باعتباره مناسبة للتذكير بالقيم النبيلة للمهنة، اختار إعلاميو السمارة أن يرفعوا صوتهم عالياً، ليس احتفالاً، بل احتجاجاً على ما وصفوه بإقصاء ممنهج يطالهم في صمت، ويتكرر كلما تعلق الأمر بالشأن المحلي وتفاعلاته المؤسساتية.
في مدينة تُعرف برمزيتها التاريخية والدبلوماسية، أصدر عدد من الصحفيين والإعلاميين المحليين بياناً استنكارياً اعتبروا فيه أن عمالة الإقليم تسير عكس تيار التطور الذي تعرفه البلاد في مجال حرية التعبير. فبينما تسير المملكة في درب توسيع الحريات وتعزيز المهنية، ما تزال بعض الممارسات الإدارية تُغيب الإعلاميين المهنيين عن الفضاءات التي يُفترض أن يكونوا فيها شركاء في صياغة الرأي العام.
المثير، حسب البيان، أن يوكل أمر تأطير تكوين إعلامي محلي إلى أشخاص من خارج الإقليم دون أي تشاور مع الفاعلين الإعلاميين الحقيقيين، في تجاهل تام لتاريخ وتجربة صحفيين راكموا سنوات من الالتزام المهني في الميدان، ما جعل الكثيرين يتساءلون عن الأهداف الحقيقية وراء هذه الاختيارات.
البيان سلط الضوء كذلك على ما اعتبره توجهاً انتقائياً في التعامل مع مكونات المجتمع المدني والإعلامي، حيث يُفتح الباب لبعض الوجوه المحسوبة على منطق الولاء الظرفي، ويُغلق في وجه من يشتغلون وفق قواعد أخلاقية ومهنية واضحة. وهو ما يرونه تهميشاً لا يمس فقط الأشخاص، بل يمس بصورة المؤسسة الرسمية نفسها في أعين الرأي العام.
من زاوية أوسع، تطرح هذه الحادثة سؤالاً أعمق: ما موقع الإعلام الجهوي في السياسات العمومية؟ وهل يُنظر إليه كشريك في البناء والتنمية، أم كعنصر مزعج يُفضل إبعاده؟ إن واقع الحال في السمارة، كما وصفه الصحفيون، يُظهر أن هناك حاجة مستعجلة لإعادة ضبط البوصلة في العلاقة بين الإعلام المحلي والسلطة، على أساس الاحترام المتبادل والتقدير الحقيقي للأدوار.
وقد جاءت مطالب الإعلاميين واضحة وبسيطة: شراكة فعلية، احترام للقانون، تمكين من المعلومة، وإنهاء منطق الإقصاء. وهي مطالب لا تحتاج إلى كثير من الجهد لتُنفذ، إن توفرت الإرادة والرؤية.
البيان لم يغلق الباب، بل تركه مفتوحاً لحوار مسؤول، مؤكدين أن الخلاف لا يعني العداء، بل هو فرصة لتصحيح المسار وتحصين المؤسسات من الانغلاق والارتجال.
وبينما تنشغل مؤسسات وطنية بمراجعة نماذج التواصل والتنمية، تبقى مثل هذه الرسائل القادمة من الهامش ضرورية لإعادة التوازن والاعتراف بمركزية الإعلام المحلي، ليس فقط كناقل للخبر، بل كفاعل في الفهم والتوجيه والمساءلة.
محمد الحبيب هويدي – مراسل وكالة الحرية من المغرب

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى