sliderتقارير

موريتانيا.. استثمارات بحجم «الأطلسي»

تعرف موريتانيا من خلال حضورها في «إكسبو 2020 دبي»، العالم بنفسها وما تملكه من موارد مادية وبشرية ثرية وتنوع بيئي جذاب، وبمآثرها التاريخية وإنجازاتها العصرية وتطلعاتها المستقبلية، وما يتوفر لديها من فرص للاستثمار والتطوير والتبادل في مجالات التجارة والطاقة والسياحة والبنية التحتية.
ويحدد جناح موريتانيا في منطقة «التنقل» رسالتَه من خلال عناوين رئيسة ثلاثة: زر موريتانيا، استثمر في موريتانيا، صنع في موريتانيا. كما يعرض مشمولات تعكس البيئة الطبيعية لموريتانيا وثقافتها وتاريخها وتنوعها البشري، بما في ذلك نماذج من المشغولات الحرفية التراثية، وصور ومجسمات تشير إلى البيئة الطبيعية ونمط الحياة التقليدية خلال حقب زمنية مختلفة.

وعند المدخل الرئيس للجناح يجد الزائرُ نفسَه أمام مجسم الجملين المنتصبين بحجم يضاهي الحجم الحقيقي للجمال الموريتانية العربية ذات السنام الواحد، وقد بدا من نظرتيهما الاستطلاعيتين ما يعرف عن الإبل من ذكاء وقدرة على الإبصار وتحسس الأشياء في محيطها الواسع. وقد ظلت الإبل جزءاً أصيلاً من حياة الإنسان الموريتاني، وشكلت محور الاقتصاد ونمط الحياة المعيشية لمجتمع البدو الرحل في ما كان يعرف سابقاً باسم «بلاد شنقيط» وحالياً باسم موريتانيا، أي حين كان معظم الموريتانيين بدواً ينتجعون بمواشيهم مَواطنَ الكلأ والماء في بلاد تشكل الصحراءُ الجزءَ الأكبرَ من مساحتها. كما كانت الإبل محوراً مهماً في أدبهم ونظامهم التعليمي، إذ كان وصف الناقة جزءاً لا غنى في بنية القصيدة الموريتانية بمختلف أغراضها، على غرار أسلافهم الجاهليين في الجزيرة العربية قبل الإسلام. كما كانت الإبل وسيلةَ تنقّل ومصدر عيش بالنسبة لطلاب ومدرِّسي النظام التعليمي الجامعي الأهلي المعروف باسم «المحظرة»

تحولات كبيرة
لكن البلاد منذ نيلها الاستقلال وقيام «الجمهورية الإسلامية الموريتانية» عام 1960، شهدت تحولات كبيرة في حياتها لم تترك للناقة محوريتَها في الاقتصاد ونمط العيش والإنتاج والتنقل، كما لم تعد المحظرةُ مهيمنةً كلياً على النسق التعليمي الثقافي.
وبالولوج داخل الجناح، يطلع الزائر على نماذج من المشغولات والصناعات الحرفية اليدوية التي تعكس عبقرية الحرفيين الموريتانيين والكيفية التي كان يستجيب بها المجتمع الموريتاني لاحتياجاته بالاعتماد على ما توفره بيئته من مواد وعناصر، مثل الجلود والأخشاب وشعر الدواب وسعف النخيل ولحاء الأشجار وحشائش الأرض.. وكل ذلك من أجل تأمين سكنه وأثاث بيته وأدوات طبخه وأوعية تخزين طعامه وراحلة سفره.. إلخ.

  • عبد الرحمن اعزيزي يعرّف الزوار بالجناح
    عبد الرحمن اعزيزي يعرّف الزوار بالجناح

ملصقات تعريفية
وتظهر البيئة الموريتانية في الجناح الموريتاني من خلال ملصقات تعرِّف بولايات البلاد وفق التقسيم الإداري المعمول به منذ قيام أول حكومة وطنية موريتانية في نهاية الخمسينيات (مرسوم 23 ديسمبر 1959 الذي قسم البلاد إلى 11 دائرة، وما طرأ عليه من تغييرات بعد ذلك). ويظل المناخ الصحراوي مهيمناً على معظم مناطق البلاد، إذ تقع كلها شمال خط الاستواء، بينما يمر منها مدار السرطان، لذلك تقل الأمطار وتزداد الحرارة كلما اتجهنا شمالاً، كما تزداد حرارة الجو كلما ابتعدنا عن ساحل الأطلسي باتجاه الداخل شرقاً، إذ تتميز المنطقة الساحلية، حيث تقع العاصمتان السياسية (نواكشوط) والاقتصادية (نواذيبو)، بهوائها اللطيف مساءً معظم أيام العام، بفضل تأثيرات تيار كناريا القادم من المحيط الأطلسي الذي تطل عليه البلاد بشاطئ يبلغ طوله 754 كيلومتراً، وحيث تحتوي المياه الإقليمية الموريتانية على واحدة من أكبر الثروات السمكية في أفريقيا، ما يمنح قطاع الصيد البحري أهميتَه في هيكل الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
أما المناطق الهضبية في الوسط والشمال، فهي امتداد للهضبة الأفريقية الكبرى («الدرع الأفريقي»)، وهي تحتوي على أهم الثروات المنجمية الموريتانية من الحديد والنحاس والذهب وغيرها، أي الثروات المعدنية التي ظلت دائماً العمود الفقري للاقتصاد العصري الناشئ في البلاد، لا سيما بعد التوسع في استخراج الذهب منذ مطلع الألفية الثالثة.

واحات النخيل
بمحاذاة الطرف الشرقي للسلسلة الهضبية، تمتد السهول الشاسعة التي تشكل مناطق الجنوب الشرقي من البلاد، حيث تتركز الثروة الحيوانية الهائلة التي تمد السوق المحلي بالألبان واللحوم، وتحقق فائضاً للتصدير. أما واحات النخيل فتزدهر في الوسط والشمال، وبالأخص في منطقة آدرار (كلمة بربرية معناها الجبل) المشهورة بنخيلها وجودة تمورها منذ القدم. بينما يشكل النهر الحدودَ الطبيعية لموريتانيا مع جارتها الجنوبية السنغال، ويغمر بمياهه السهولَ الخصبة في الجنوب الغربي، حيث تتم زراعة الأرز والخضراوات وحبوب الدخن بمحاصيل كبيرة. وقرب هذه المنطقة أيضاً تقع معظم حقول النفط والغاز الطبيعي المكتشفة خلال الأعوام الماضية، حيث تجري الاستعدادات للدخول في مرحلة الاستخراج والإنتاج بالتعاون بين البلدين، مما سيعود بنتائج جد إيجابية لصالح الاقتصاد الموريتاني خلال الأعوام القليلة القادمة.

المستقبل
يبشر القائمون على جناح موريتانيا في «إكسبو 2020 دبي» بمستقبل اقتصادي مزدهر ينتظرها في الأفق المنظور، لا سيما حين يبدأ استخراج وتصدير الغاز الطبيعي، إذ سيجذب مزيداً من الاستثمارات الأجنبية، مما يخلق دينامية اقتصادية جديدةً تسهم في زيادة فرص العمل وفي الوصول إلى مستهدفات الخطط التنموية.
وتعمل موريتانيا منذ سنوات على تطوير بنيتها الطرقية وزيادة إنتاجها من الطاقة الكهربائية وعلى التوسع في مد شبكات المياه داخل المدن والأرياف، علاوةً على محاولة تحسين مركزها داخل شبكة التبادل التجاري الإقليمي، لا سيما بالنسبة لدول حزام الساحل والصحراء التي يفتقر بعضها لمنافذ بحرية على العالم الخارجي، بينما تتمتع موريتانيا بإطلالة بحرية مهمة وبميناءين يعززان أفضليتها إقليمياً في مضمار المنافسة على تجارة الترانزيت.

فرص
يحاول الجناح تعريف المستثمرين والشركات وأصحاب الرساميل الخاصة على الفرص والامتيازات التي تمنحها جغرافيةُ موريتانيا وموقعُها الإقليمي وبيئتها الطبيعية ومواردها المنجمية والبحرية والزراعية والرعوية، أي ما يؤهلها لجذب مزيد من المستثمرين والسياح والمستكشفين ومحبي الطبيعة.
وعلى هذه الخلفية، يوضح مدير الجناح الموريتاني في «إكسبو 2020 دبي»، السيد عبد الرحمن اعزيزي، أن أرضية الاستثمار في موريتانيا غنية وخصبة وحافلة بالفرص وعوامل النجاح في مختلف المجالات، بما في ذلك المواد الأولية واليد العاملة الرخيصة والسوق الاستهلاكية (المحلية والإقليمية).. إلى جانب مدوَّنة قوانين الاستثمار التي تشجع رأس المال الأجنبي وتمنحه الكثير من الضمانات والمحفزات، ما يجعل من موريتانيا وجهةً مثالية للمستثمرين وأصحاب الشركات الناشئة، لا سيما في مجالات الخدمات والبنية التحتية والطاقة والزراعة والسياحة.

محمد المنى (دبي)

الإتحاد الإماراتية

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى