sliderتقاريرمقالات ورأي

جمال محمد طالب، محامي ومستشار الرئيس ولد عبد العزيز، يرد على رجل الأعمال محمد ولد انويكظ.. (النص كامل) 

 

جمال محمد طالب، جمال محمد طالب، محامي ومستشار الرئيس ولد عبد العزيز

رد المحامي الموريتاني جمال محمد طالب، في المقال التالي على الملاحظات النقدية التي وجهها المصرفي محمد ولد انويكظ  حول حصيلة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز.

 فبغض النظر عن الإجابة، المثيرة للجدل حتماً ، يتعلق الامر بنقاش مشفوع بحجج تمثلت تارة في أرقام و تارة في مراجع.

في مقابلة له مع جون أفريك، يقول رجل الأعمال الموريتاني ، محمد ولد انويكظ ، الرئيس المدير العام للبنك الوطني الموريتاني، أن كل مفاصل الاقتصاد الموريتاني تمر بوضعية صعبة للغاية، كانت ستؤدي لا محالة، حسب قوله، إلى فقر واسع النطاق والي انتكاسة قطاعات التعليم والصحة.

ويوضح، مهما كلف الثمن، أن الاقتصاد يسير بشكل سيء ، وأن الفقر ينتشر في البلاد ، وأن القطاع الصحي يعاني من الشلل تماما كالتعليم. 

ويصف في المقابلة ذاتها تسيير جميع المؤسسات العامة بالسيئ وانها على شفا الإفلاس ، بما في ذلك الشركة الوطنية للصناعة والمناجم، مع تكلفة استخراج الحديد (40 دولارًا للطن)، أي ضعف التكلفة في البرازيل (18 دولار).

كما يشير إلى تعفن منتجات الصيد خاصة الأسماك، إحدى أكبر موارد البلاد ، في المستودعات بسبب نقص الكهرباء وسوء تسيير الشركة الموريتانية للكهرباء.

وقال ايضا أن القطاع الخاص مريضً هو الآخر، الأمر الذي سينكس سلبا علي تدفق المستثمرين المحليين والأجانب. 

لاشك انكم فهمتم ما يقصده رجل الأعمال الذي قدم صورة “كارثية” عن بلده.

في الفترة الممتدة من 26 سبتمبر إلى 09 أكتوبر 2019 ، أي في الوقت نفسه الذي قدم فيه محمد ولد انويكظ موريتانيا كدولة منهارة ، زارت بعثة من صندوق النقد الدولي نواكشوط. ومما خلصت اليه:

هو أن تنفيذ البرنامج الاقتصادي كان جيدًا  ولا يزال يسير على الطريق الصحيح.

لقد تسارعت وتيرة النمو الاقتصادي التي من المتوقع أن تصل 6.9٪ هذا العام ، مدفوعًة بكل من القطاعين الاستخراجي وغير الاستخراجي.

كما ستستمر السياسات الاقتصادية الخاضعة للرقابة مع مراعاة الاحتياجات الاجتماعية بشكل أفضل

وفسر صندوق النقد الدولي هذه الوضعية الجيدة للاقتصاد الموريتاني ب “الحذر المالي الذي تنتهجه السلطات”. 

وهكذا نحن أمام وجهتي نظر حول نفس الدولة، إحداهما من طرف مواطن يميل نسبيا الى الافراط، سيئ ومرهق بعض الشيء. والأخرى من طرف هيئة مستقلة ولديها أكثر من َصدر،  كما تمتع بالخبرة في هذا الشأن و تُعرف بعدم الثناء في غير محله على البلدان إلافريقية.

 وهكذا، حين ينتقد الرئيس المدير العام للبنك الوطني الموريتاني الحكامة و يدس بتسيير الشركات العامة  وكذلك القطاع الخاص، يأتي صندوق النقد الدولي هو الآخر بصورة عكسية تمامًا.

وحبذا لو تأملنا المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي لموريتانيا لمعرفة ما إذا كان يطابق هذا الصورة الكارثي. 

ففي أغسطس 2019 ، قطعت البلاد بروعة مرحلة جديدة من نهضتها ونضجها. نعم غادر الرئيس محمد ولد عبد العزيز السلطة بعد مأموريتين ، في الوقت الذي تصاعدت فيه العديد من أصوات المجتمع المدني والقوى الحية للأمة، لمطالبته بمواصلة انجازاته و عدم الرضوخ لديكتاتورية تحديد المأموريات. 

نعم لقد حققت البلاد تحت قيادة الرئيس السابق تقدما على جميع الجبهات الاجتماعية والاقتصادية والرياضية والثقافية. 

فكل المراقبين الذين قدموا إلى هذا البلد، حتى أصحاب النوايا السيئة منهم، اثنوا بدون استثناء علي التحولات الشاهدة كالمطار الجديد والطريق السريع ذات الاتجاهين المؤدي الي وسط المدينة و الذي يتمتع بإنارة عصرية و التحضر ذات الجودة العالية. 

وحقيقة الأمر انه من المستحيل إرضاء الجميع خاصةً إذا لم يستطع الشخص السيطرة على مشاعره السيئة ذات الخلفية الانتقامية، المرفوقة بالكراهية الذاتية التي تميز بعض الأفارقة المستعدين بشكل غريب لذكر بلدهم بما لا يليق به من ألألقاب والعيوب. 

دعونا نعود قليلا إلى الوراء لنفهم أكثر

لقد اظهرت موريتانيا بين عامي 2009 و 2019 ، وعلى الرغم من المناخ الاقتصادي الصعب ، الذي يتميز إقليمياً بعدم الاستقرار في منطقة الساحل وأزمة أسعار المواد الأولية، حصيلة إيجابية إلى حد كبير.

لقد تم استعادة التوازنات الاقتصادية الكبري في بداية العقد كما تم الاحتفاظ بها رغم  كل أنواع المخاطر طوال تلك الفترة.

و تم أيضا الحفاظ على معدل النمو ب 4 ٪ في المتوسط وكذلك معدل التضخم بأقل من 3 ٪ خلال هذه الفترة و هو ما حصل مع الاحتياطيات الخارجية من 5 إلى 6 أشهر من الاستيراد.

ومن أجل إطلاع القارئ على نحو أفضل ، يجب أن نتذكر أن الاقتصاد الموريتاني كان ضعيف التنوع ويعتمد بشكل كبير على عوامل خارجية وخاصة  هطول الأمطار وكذلك الأسعار العالمية للحديد والأسماك والمحروقات. 

فكان النمو سلبيا 11 مرة على مدى السنوات الـ 54 الماضية، أي ما يزيد قليلا عن سنة كل خمس سنوات.

وتجدر  الإشارة أنه لم يكن سلبيا أبدا منذ عام 2009

ونذكر من بين العوامل التي جعلت النمو الاقتصاد يسير ببطء: 

 إلى جانب الافتقار إلى سياسة التنويع التي تدفع الي الأمام بالقطاعات التي تتمتع فيها البلاد بمزايا نسبية (الزراعة والثروة الحيوانية والصيد) ، العجز الحاد في الهياكل الأساسية الاقتصادية و الإطار التنظيمي غير المواتي لتطوير القطاع الخاص والتكاليف المرتفعة نسبيا لعوامل الإنتاج وإلاطار العام الصارم للاعمال.

لقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي في 2009 ب 1 في المائة كما بلغ العجز المالي الأساسي 5.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في حين وصل  العجز في المعاملات الجاري 12.7 في المائة أي حوالي 238 مليون دولار تمثل 2.2 شهر من الواردات في نهاية ديسمبر 2009.

وكانت مداخيل الضرائب تمثل أقل من 9 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 45 ٪ من إجمالي موارد الميزانية. 

وكانت مصروفات التسيير تمتص 26 ٪  من الموارد المحلية و 19 ٪ من إجمالي موارد الميزانية. 

و في  2009 بلغ الإنفاق الاستثماري المحلي 36.9 مليار دولار ، وهو ما يمثل 13 ٪ من إجمالي الميزانية و 7.62 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في نفس السنة.

ولذا نفهم بكل بساطة أن تطهير المالية العامة وإعادة إنشاء إطار مستقر للاقتصاد الكلي كانا من أولويات الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ توليه مقاليد السلطة سنة 2009. 

وبالتالي، تضاعفت المداخيل الضريبية الو بثلاثة من 162 إلى 328 مليار أوقية. 

وتعتبر هذه النتيجة ثمرة لإدارة أفضل للضرائب ، والتي ظلت معدلاتها مستقرة نسبيًا خلال هذه الفترة.

كما ارتفعت إيرادات قطاع الصيد من 72  مليار في 2018 لتصل 41 مليار في 2009 ، بزيادة قدرها 75 ٪. 

كما ارتفعت إيرادات الولوج الي الموارد المعدنية من 18.5 مليار في 2009 إلى 68.7 مليار في 2018 ، بزيادة قدرها 271 ٪. 

ويجب هنا التذكير بالمستوى القياسي لمكافأة للتوقيع لعقود التقاسم المسجلة في 2018 بفضل جاذبية البلاد وفعالية استراتيجية التفاوض للحكومة.

ومن بين الإجراءات التي اتخذها الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتطهير المالية العامة ، يمكننا أن نذكر علي سبيل المثال ضبط ميزانية الشركات العامة التي كانت في الواقع  قبل وصوله إلى الحكم، تودع أموالها في البنوك الخاصة والتي تقرض هي الاخرى الدولة بنفس الأموال وبفائدة أكثر من 11 ٪. وهكذا ، كانت الدولة تدفع لاقتراض أموالها. انه لمن الصعب تخيل وتصديق مثل هذا النوع من الاختلاس الفاحش للمال العام.

وفي العقد ذاته، انخفض اعتبارًا من 31 ديسمبر 2018 إجمالي المبلغ المستحق لسندات الخزينة التقليدية من 83.5 مليار أوقية في 2009 إلى 53.5 مليار أوقية. تكلفة هذه المديونية انخفضت إلى حد كبير بسبب انخفاض متوسط ​​سعر الفائدة السنوي من 9.7 ٪ في 2009 إلى 4.8 ٪ في 2018. 

كما تغير إلى حد كبير هيكل هذا الدين المحلي. ومثل الجزء غير المصرفي البالع ربع المحفظة فقط في 2009 مجموعه تقريبًا في 2018.

كما زادت المحفظة لدي البنوك لتصل 57.4 مليار أوقية في 2009 بدل 3.4 مليار في 2019. 

كما يمكننا التنبيه بأن البنوك الأربعة أو الخمسة التي كانت تحتقر بدون منازع السوق المصرفي في السابق، كانت تعاني سنويا من عجز يكون احيانا عميقا. 

و اليوم وصل عدد البنوك العشرين بفضل مناخ الأعمال المحسّن والفرامل المفروضة لتفادي الاستخدام السيئ للممتلكات الاجتماعية في البلاد ، تحقق هذه البنوك أرباحًا كل سنة.

كما سجل معدل النمو في 2018 نسبة 3.6  ٪ بالرغم من الجفاف وانخفاض نمو قطاع الاستخراج (-12.5 ٪) وارتفاع أسعار المحروقات.

 وتشير التوقعات للفترة 2018-2022 إلى أن النمو سيرتفع  بمعدل 6.4 ٪ سنويا بفضل الأداء المتوقع في القطاع غير الاستخراجي وكذلك تحت تأثير استغلال النفط. والغاز في افق 2022.

كما تم القيام خلال العقد الماضي باستثمارات كبيرة في البنية التحتية.

و يوضح فحص الصفقات الممنوحة خلال هذه الفترة ، بناءً على الموارد المحلية وحدها ، أن الطرق حظيت بنصيب الاسد ب 142 مليار خلال الفترة.

كما تم إنفاق ثلثي التمويل الخارجي المعبأ ، والذي بلغ 4 198.5 مليون دولار أمريكي خلال الفترة ، على البنية التحتية ؛ بما في ذلك المياه والكهرباء و أيضا الطرق والاستصلاح الزراعي.

ولم يغب مناخ الأعمال الثمين بالنسبة لصاحبنا ولد انويكظ حيث مثل إصلاحه أولوية بالنسبة للسلطات العمومية خلال العقد 2009-2018. 

وهكذا تم إصدار القانون المتعلق بمدونة الاستثمار في 2012 وتعديله في عامي 2016 و 2019 لتحسين جاذبية الاقتصاد الموريتاني.

 كما عرف الولوج إلى التمويل تحسن ملحوظ وارتفع سعر الفائدة الرئيسي من 12.5٪ في عام 2009 إلى 6.5٪ في عام 2018.

ارتفع معدل الخدمات المصرفية من 10.1 ٪ في عام 2009 إلى 21 ٪ في عام 2018.

كما صدر قانون مدونة التحكيم في 2019 وكذلك قانون تسوية النازعات الصغيرة. 

وعلاوة علي ذلك يعمل شباك موحد منذ 2014 ، مما يسهل إنشاء الشركات والمقاولات في فترة لا تتجاوز 48 ساعة. 

وتم أيضا إنشاء مجلس أعلى لتحسين مناخ الأعمال في 2019 كما لرأي النور إطار تشريعي وتنظيمي جديد لشركاء القطاعين العام “ش ع خ” والخاص بإصدار قانون المتعلق بهذه الفئة و بنصوصه التطبيقية.

وقد تم إطلاق أول “ش ع خ”  في 2018 و برمجة ثلاثة ل 2019 لحقيبة تضم 10 مشاريع مؤهلة لهذا النوع من العقود.

وقد  بدأت بالفعل أشغال بناء  “ش ع خ” لمحطة حاويات و رصيف نفط. 

وبفضل هذه الإصلاحات ، تمكنت موريتانيا من الصعود بقدر 28 درجة في تصنيف تقرير ممارسة الأعمال لدي البنك الدولي خلال الفترة 2015-2018

مناخ الاعمال….

وفي الختام ، تكشف البيانات المتاحة في 31 ديسمبر 2018 عن أن جميع المؤشرات المتعلقة بالإطار المالي لموريتانيا خضراء. 

لقد بلغ معدل النمو 3.6٪ بالرغم من انخفاض نمو قطاع المحروقات و الصناعات الاستخراجية (-12٪). 

كما  تمت السيطرة علي التضخم بمعدل 2.9. 

و تسجل البلاد تراكما لفائض الميزانية سنة بعد أخرى مع احتياطات بلغت 1.056 مليار دولار أمريكي ، أي  6 أشهر من الواردات تقريبا. 

ولا تأخذ هذه الاحتياطيات في الاعتبار مساهمة أرباح العملات الأجنبية للصناعات الاستخراجية. وجدير بالذكر ان أسعار الحديد والذهب تباطأت  لسنوات عديدة.

كما ارتفعت مداخل الضرائب المحلية من 10.4 مليار في عام 2008 إلى 36.2 مليار أوقية جديدة في 2018 ، بزيادة قدرها 240 ٪. 

وارتفعت المداخيل الجمركية من 7.16 مليار في 2008 إلى 22 مليار أوقية في 2018 ، بزيادة قدرها 310 ٪.

وبعيدا عن كل سعي من شأنه اهانة السيد ولد انويكظ وبنبرة مثيرة للجدل، سيكون من الاهمية بمكان معرفة كيف شيد محمد ولد انويكظ، الوريث لعائلة كبيرة – ولن نلومه على ذلك المنشأ الذهبي – ثروته.

فلن ننسى أيضًا، أنه منذ زمن نظام ولد الطايع العزيزً جدًا على قلبه وعلي بعض أمثاله ، تمت خصخصة مصرفين “س م ب ” و “بيما” لمنحهما لمجموعته. 

كما انه من المهم ان نتأمل ظروف منحه 8٪  من أسهم شركة موريتل للهواتف المحمولة دون أي مناقصة او مناقسة. 

انه باستطاعتنا تقديم مزيد من الحجج التي اصبحت بائدة في عصرنا اليوم الا اننا سنقتصر بالتذكير بالغضب الذي يكنه بعض رجال الأعمال للرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي لم تعد أساليبه تتناسب مع عالم البدايات والامتيازات التي ضمنت لهم ثرواتهم.

فيا للمفارقة، إن رجال الأعمال هؤلاء الذين استفادوا طيلة عقدين من الزمن من التسيير غير الشفاف  يتجرأون اليوم على تقديم الدروس. 

فإلى جانب هذه الطبقة الصغيرة ، كل اولئك الذين كسر النظام في بعض الأحيان شوكتهم، قد قرروا الامتثال للقانون  وأشادوا بالرئيس السابق مع الاتساع المتزايد في صفوف المطالبين له بمواصلة مسيرته الي الامام. 

جمال محمد طالب

محامي في نقابة المحامين في باريس ، مستشار الرئيس محمد ولد عبد العزيز

 

 

.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى