sliderمقالات ورأي

إنعاشا للذاكرة: الغرب وروسيا في الميزان/.. محمد ولد الراظي

القوة من حيث المبدأ هي القوة الذاتية والقوة بالغير لا تدوم ولها سلبيات كثيرة أدناها أنها تُلهي عن الأخذ بأسباب القوة الحقيقية المستديمة…..والقوة الحقيقية هي قوة الردع بمعني القدرة علي إلحاق الأذي بالمتربص وخير دليل علي ذلك كوريا الشمالية مقابل شقيقها الجنوبي…..الشمال قلة من حيث عدد السكان وفقير جدا بالمقارنة بجاره الجنوبي ولكنه يرهب العدو في حين يدفع الجنوب جزية حماية عن كل مولود تزداد به لائحة شعبه والكل شمال وجنوب الخط الفاصل يأكل ويشرب ويعيش ويموت وتبقي الكرامة من أهم ما كرم الله به الإنسان عن سائر مخلوقاته من الأحياء والموت في سبيلها حياة وامتلاء البطون وارتخاء عضلاتها دون كرامة موت ومذلة…والجيوش أنشئت أصلا لحماية الكيان والإنسان فكانت الوزارت وزارات دفاع لا حرب باستثناءات قلة….ومع ذلك هناك دول وشعوب عاشت بالحروب وازدهرت بالحروب ولا تتنفس إلا برائحة البارود منذ القديم وإلي الآن…

اليوم تعود الحروب لقلب أوروبا وبين القوي الأوروبية وفي منطقة تتوسط قلب العالم…. فتعج فضاءات التواصل الإجتماعي عندنا بحرب تفاعلية مفتوحة هي الأخري علي مدار الساعة بين مؤيد لروسيا ومؤيد للغرب…… المصالح هي بوصلة العلاقات الدولية و علاقات الشعوب أيضا والحرب الحالية كما كل الحروب حرب مصالح لا يعرف أسبابها كاملة إلا الذين يتقاتلون ولا نملك كعرب ومسلمين كبير دور في توجيه مسارها ولكننا نعيشها بعواطفنا بين مؤيد ومعارض لهذا الطرف أو ذاك مما يستفز الحاجة لإنعاش الذاكرة قليلا عل ذلك يساعد في تخفيف الغلواء في تعاطف البعض مع أمريكا والغرب منذ وعدهم المشؤوم عام 1917.

هل كان بلفور ابريطانيا أم روسيا ! وهل سايكس و بيكو من فرنسا وابريطانيا أم من روسيا !

وهل كانت روسيا ضمن جوقة العدوان الثلاثي علي مصر 56 أم كان عدوانا فرنسيا ابريطانيا إسرائيليا صرفا وبدعم من حلف الأطلسي !!! ومن جرب أسلحته النووية في ثوار الجزائر الأحرار فرنسا أم روسيا !!! ومن سلح الجيوش العربية الإتحاد السوفيتي أم الغرب !!!! ومن بني مفاعل ديمونا الإسرائيلي فرنسا أم روسيا !!! ومن اجتاح لبنان وارتكب أبشع المجازر في صبرا وشاتيلا وقانا إسرائيل ربيبة الغرب أم روسيا !!!! وهل كان سلاح الثورة الفلسطينية روسيا أم غربيا !!! وهل كان سلاح الكيان الصهيوني أمريكيا وغربيا أم روسيا!!!ومن حاصر العراق منشأ الحضارة الإنسانية وعز العرب ومتكأهم وقتل ملايين الشيوخ والولدان أمريكا والغرب أم روسيا !!!! ومن مزق وحدة العراق وفصل شماله عن جنوبه أمريكا والغرب أم روسيا !!!! ومن أرسل أقوي أسلحته فتكا إلي بغداد فقتلت الإنسان ودمرت العمران ولم يسلم منها فنان بريشته ولا شاعر بكلماته ولا رضيع أمريكا والغرب أم روسيا !!!!! ومن يتجاهل أن ربيع هنري ليفي المعروف ب”الربيع العربي” ليس إلا امتدادا لربيع بودابيست وابراغ وهو مصطلح استخدمته المخابرات الأمريكية للتبشير بأنشطتها التخريبية ضد معسكر وارسو !!! ومن دمر الشام ومزقه واستجلب له شذاذ آفاق من كل أنحاء العالم ليقتلعوا روحه من مغرسها أمريكا والغرب أم روسيا !!!! ومن ينسي منا أن هؤلاء المرتزقة كانوا يتقاتلون في ما بينهم ولا يتفقون علي شيئ سوي إفشال الدولة السورية لتأمين مستقبل الكيان الغاصب !!! وهل نسينا أن جرحي هؤلاء كانوا يعالجون في مشافي إسرائيل!!! ومن رحل الناجين منهم ليفعلوا الفعل نفسه في ليبيا…تركيا وأمريكا والغرب أم روسيا !! وهل كان جاسم بن جبر خرفا حين اعترف علي رؤوس الأشهاد أن تحريك الشارع السوري كان بالريموت كونترول من الدوحة وأنقرة وغيرهما من عواصم الولايات التابعة !!!! وهل نصدقه حين اعترف علي نفسه أم نصدق عواطفنا وننكر أنه قال الذي قال فنكون أكثر ملكية من الملك ا!!! ومن أنقذ الشام أرضا وشعبا وحضارة من تلك المؤامرة الجهنمية روسيا أم غيرها !!!! ومن دمر ليبيا ومزقها وأعادها لعصور القبلية والجاهلية أمريكا والغرب أم روسيا !!!!! قد يقول قائل إن الإتحاد السوفيتي اجتاح افغانستان وأن روسيا قمعت الشيشان وهذا صحيح…..لكن أفغانستان دولة لها حدود مع الإتحاد السوفيتي وتوجد بمنطقة صراع نفوذ قوي بين المعسكرين واجتياحها يدخل في إطار الحرب الباردة بين الدولتين العظميين تماما كما كانت أزمة خليج الخنازير وكانت أفغانستان قبل الإجتياح وكرا متقدما لأمريكا كما هي أوكرانيا اليوم.
أما الشيشان فهي أرض ضمن الإتحاد الروسي منذ قرون وكانت الملكة كاترين الثانية تقول إنها رئة روسيا التي تتنفس منها وحين انهار المعسكر الشيوعي وانتشرت نزعات الإنفصال التفكيكية برعاية أمريكا كانت الشيشان ساحة معركة حقيقية دامية ولا أحسب مسلما يمكنه أن لا يندد ويستنكر ما حصل من قتل ودمار……ولمعرفة ما كانت ستكون عليه مواقف أمريكا في أمور مماثلة لنا أن نتخيل أن حلف وارسو ساعتها نزل بالمكسيك أو أن ولاية افلوريدا حملت السلاح للإنفصال عن الإتحاد الأمريكي رغم الفوارق البنيوية الكبيرة بين اتحاد أمريكا والإتحاد الروسي…

استعمرنا الغرب قرونا عديدة وأهاننا ومزقنا ونهب ثرواتنا ولولا الحرب الثانية التي أذلته وكسرت غطرسته وكبرياءه وخرجت منها روسيا منتصرة ما كانت لتقوم ثورات تحرر بالسرعة والحجم الذي كان وماكانت الشعوب المغلوبة لتنتصر وما كان للإستعمار أن يأفل في إفريقيا وآسيا وما كانت لتقوم ثورات أمريكا الجنوبية أو علي الأقل ما كان ذلك ليكون سريعا وقويا.
ولأنه يدرك ذلك تماما كان جهد الغرب الأساس منصبا علي محاربة المعسكر الشرقي لينفرد بالسيطرة علي العالم كما كانت الدول الإستعمارية قبل الحرب الثانية…..ومن أجل عودة هذا التوازن يتمني البعض منا غلبة روسيا علي عدونا وعدوها…

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى