sliderتقارير

تحالف الحكومة ورجال الأعمال هل هو إيجابي؟

لاريب في أهمية القطاع الخاص في كل بلد ؛ خاصة في زمن الخوصصة العالمية التي ابتكرتها أمريكا أولا وفرضتها كنظام عالمي لتحقيق أكثر من هدف.

ثم ضغطت مبكرا لفتح الأسواق المالية والتجارية أمام هيمنتها .

ولكن الدور المحوري المنوط بالقطاع الخاص في خلق فرص عمل وقيمة مضافة صناعية وخدمية في بيئة منافسة سليمة تدفع لصناعة الجودة ؛ هو دور عكسي في موريتانيا.

فقد أنتجت السياسات الاقتصادية والمالية الفاسدة في بلدنا قطاعا خاصا هو عالة على الحكومة ؛ فلاهو استثمر في الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية والبحرية والمعدنية بدرجة مؤثرة ولاهو خلق فرص عمل مهمة .

بل تحولت السياسات الاقتصادية والمالية إلى نظام احتكار المال ودورته بين الحكومة ورجال الأعمال.

فالنظام المصرفي في بلدنا مصمم للتعامل بين المصارف والحكومة أساسا ؛ لأنها تدفع نسبة فوايد أعلى مضمونه.
والحكومة ترد الجميل بتحويل كل دعم موجه للمواطنين إلى رجال الأعمال وبنوكهم!
وقد اجتهد رجال الأعمال لإفشال سونمكس وسيلة المساعدة الحيوية في توفير عرض دايم يناسب الطلب من مواد معينة.
وأصبح كل دعم جديد لتوازن السوق يمر عبرهم مباشرة

وهم نفس رجال الأعمال الذين استولوا بطريقة ما على القرض الزراعي والصناعي وقروض دعم الصيادين وغير ذلك.
وهم ومصارفهم هم دهاليز المفسدين الذين يخفون فيها غلتهم عبر حسابات لأشخاص أو كيانات وهمية .
ولا يستغرب أن تكون هناك حسابات بها أموال طائلة لمفسدين لم يتم اكتشافها بعد.

دعم واردات الأغذية صرف للتجار ولم يصرف للضعفاف ؛ بحجة أن الحكومة تدعم خفض الأسعار ؛ فجاءت أثر العملية محدودا اقتصاديا.
وكان الأولى أن توجه عشرات المليارات التي تلقاها التجار بطريقة أو أخرى كدعم؛ لتمويل مشروع يخلق فرص عمل للضعاف وأن يكون جزء منها دعم للرواتب الضعيفة لشريحة واسعة من الموظفين الدائميين والعقدويين ؛ وجزء لدعم إنتاج غذائي يحفف حاجتنا للاستيراد.

وقد سمح للقطاع الخاص بالتحكم نوعا ما في رسم سياسات الحكومة الاقتصادية والمالية بصورة مكشوفة.

وتعزز ذلك بمنع كثير من رجال الأعمال قروضا شخصية للوزراء تفوق قدرتهم المالية على السداد ؛ بما يجعل أغلب الوزراء رهينة لدى ملاك البنوك
وليس ذلك وحده ؛ فسوق الدولة لها من يتحكم فيها من رجال القطاع الخاص عبر التحكم في شخصيات حكومية عليها ديون بنكية ضخمة!

وتوسع تحكم القطاع الخاص ليهيمن على الرخص الثمينه في كل قطاع ويوجه العمل النقابي في كل قطاع حسب رغبته!

في الانتخابات يتدخل مال القطاع الخاص بقوة ليمول بعض الوزراء بقروض انتخابية ويدعم السوق السوداء لشراء الترشيحات.

ولأن القطاع الخاص هو أكبر منفذ لمشاريع الحكومة ومصدر لضمانات التنفيذ ؛ فهو المسؤول عن تأخير تنفيذ المشاريع وعن عدم مطابقتها للمواصفات.
لكن نظام المكافأة والعقاب مجمد أمام سطوة القطاع الخاص.

ويقف بقوة أمام إدخال مستثمرين أجانب في قطاعات حيوية ؛ دخولهم سيخلق أفق منافسة ويرفع مداخيل العاملين معهم .

إن السياسات الاقتصادية المتبعة في بلدنا تبدو غير ناجعة رغم ارتفاع سقف غلافها المالي ؛ لأن السياسات المتبعة لا جدوى منها مطلقا ؛ فهي لا تخرج فقيرا واحدا من مستوى فقره بل تحاصر الفقراء في نفس مستواهم !
فمتى يضع صانع القرار حدا لأداء القطاع الخاص السلبي ؛ ويدفعه إلى الفاعلية ويرسم له خط أحمر لا يتجاوزه المال السياسي ؛ فقد ذهبت علاقة السلطة والتجار إلى منزلق يمكن التجار من رسم السياسات الاقتصادية والمالية والتجارية المجحفة ؛ والتي قضت على المنافسة وتحولت إلى استحواذ وإقصاء للجميع ؛ حتى ظن التجار أن بوسعهم صناعة الرؤساء وإسقاطهم بثروتهم ؛ وذلك وهم كبير.

المال وحده لايصنع سلطة ولانفوذا مالم تدره عقول واعية تحمل أفكارا سامية أكبر من جشع التجار وحرصهم ومن جشع المفسدين وغرقهم في المال الحرام.
واقترح على صانع القرار أن يطلب من البنوك كشوفا بقروض الوزراء كخطوة لمحاربة الفساد الخفي

مركز دعم صناعة القرار
الرئيس عبد الله ولدبونا

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى