sliderمقالات ورأي

خياران أمام الرئيس غزواني في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة

لم يتقبل الرأي العام في أغلبه خطاب قتل الأمل الذي برز من كلمة مرتجلة للرئيس أمام جاليتنا في إسبانيا ؛ كلمة لم يقصد بها الرئيس قتل الأمل وإنما تسليط الضوء على الوضع الصعب في الوطن ؛ مع ذكره لآفاق واعدة بالخروج من حفرة الفقر.
كما لم يتقبل إعادة الثقة لكثير من المفسدين المشمولين فيما سمي ملف العشرية.
ويتفاقم التذمر من عدم جدية الحرب على الفساد ؛ وترد مشهود للأوضاع الاقتصادية لأغلبية الشعب الموريتاني ؛ وضعف الرقابة على الأدوية والأغذية وتغول التجار .
ونال التذمر من سوء أداء الحكومة حصة الأسد عند المزارعين والمنمين والمعلمين .

وجاءت ردود الفعل متباينة على شكل ومضمون الكلمة وعلى الوضع كله الذي اعترف الرئيس بهشاشته.

فلقد عزز الرئيس بكلمته موجة التذمر الشعبي من الوضع .

وعادة تخرج أصوات تطالب بتغيير الوضع عبر تغيير الرئيس بأي صورة متاحة !
البعض يطالب باستقالته ؛ والبعض يطالب بالحشد للانتخابات القادمة لإسقاطه عبر صندوق الاقتراع .

ونظرا لتنامي نسبة الوعي في بلدنا ؛ فقد تراجع الخطاب السياسي المعارض للنظام المطالب بالانقلابات لأنها وسيلة متخلفة لتغيير الحكم ؛ ضيعت عقودا طويلة من تاريخ بلدنا ؛ ولأن العالم لم يعد يقبل بها كآلية للتغيير ؛ ولأنها دائما تكون استبدالا للسيء بسيء مثله أو أشد خطرا على البلد.

وأصبح الموريتانيون يعون خطورة تثوير الشارع ضد النظام ؛ فالشحن الجماهيري والدعوة للعنف ضد الدولة مظهر تخلف آخر يقود إلى الفتنة والخراب ؛ وبرز خطاب ناضج يدعو لتعزيز القوة السياسية الناعمة المؤثرة في صناديق الاقتراع.
لذلك يبدو أن الرئيس غزواني وفريق عمله السياسي والإداري للدولة أمامهم خياران لاثالث لهما ؛ وهما إقناع القوة الناخبة المستقلة بدعم غزواني في الاستحقاقات القادمة ؛ عبر إصلاح حقيقي وحرب جدية على الفساد والحيف وخطط مناسبة لمحاربة الفقر عبر إصلاحات اقتصادية جادة ؛ أو مواجهة خيار إسقاط الرئيس وفريقه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

قد يقول البعض إن الدولة لن تهزم في الانتخابات لأنها ستوظف كل طاقتها في ضمان الفوز عبر التزوير المباشر وغير المباشر لإرادة الناخبين وعبر التحكم في لعبة الانتخابات والاعتماد على الشبكة الانتخابية التقليدية في البلاد ؛ أطر دولة وجهاء نخب اجتماعية ومال القطاع العام والخاص الذي سينفق في الحملات وشراء بطاقات التعريف.

لكن الواقع سيكون مختلفا فكثير من أطر الدولة ونخب المجتمع الاجتماعية ورجال الأعمال لايخفون تذمرهم من النظام وتدني أدائه ؛ ويشكون الحرمان من سوق الدولة وفرصها ؛ في ظل هيمنة مطلقة لنافذين جدد تسلقوا قمة الثروة والنفوذ بجشع على أكتاف الرئيس غزواني .
فالمشهد يكرر ذاته عبر فريق مفسدين جدد يحل محل فريق مفسدين سابق ؛ وربما استبقي نصف الفريق المفسد السابق لأسباب تكتيكية .

إن عملية التزوير في الانتخابات القادمة ستكون صعبة وغير قابلة للتمرير لأكثر من سبب.

ويكفي العمل على تنظيم الأغلبية المغاضبة الآ ن لغزواني لإعداد شبكة انتخابية قوية هدفها الوحيد هو منع الرئيس غزواني من مأمورية ثانية بالقوة الناعمة ؛ قوة صندوق الاقتراع .

وليس ذلك مستحيلا إذا وحدت جهود المعارضة الوطنية الحقيقية ؛ التي يمثلها اليوم طيف واسع من أغلبية غزواني نفسه.

الخيار للرئيس غزواني ؛
إصلاح سياسي وإداري واقتصادي حقيقي يجمع نخبة وطنية وازنة حوله ويؤمن له مأمورية ثانية وخروجا آمنا من السلطة
أو مواجهة سياسية شرسة معه في صندوق الانتخابات التشريعية القادمة والرئاسية؛ ربما تخرجه من المشهد وتدفع نحو فتح ملفات خمسيته هو وفريق عمله.
موريتانيا لم تعد كما كانت قبل 2019 ؛ فحجم الشحن السياسي فيها جدي وعميق والاحتمالات الانتخابية لم تعد مغلقة على خيار مرشح النظام بسهولة .

ولسان حال الوطن يردد بيت المتنبي الشهير

ولم أر من عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام

عبد الله ولد بون

رئيس مركز مسبار الأطلسي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى