sliderمقابلات

كذبة “شرتات”!!/ د.معمر محمد سالم

يقال إن الحكيم “شرتات” صدّق كذبته ثم مضى خلفها لا يعدو على شيء، و هذا هو حال إفك الاستعباد في عين فربة.
و في حقيقة الأمر لم أكن في وارد بسط تفاصيل القضية على هذا الفضاء و كنت أرجئ المرافعة لحينها ، لكنني أيقنت أن ملف موكلي :شيخنا أباه الشهلاوي، أصبح يدار إعلاميا تحت ضغط الغوغاء ! الذين سرقوا ثوب الحقيقة في غفلة من الزمن، يقول حبران خليل جبران في إحدى روائعه إن الحقيقة و الكذب التقيا فتمشيا في مساء يوم ذي جو معتدل، فدعا الكذبُ الحقيقةَ إلى الاستحمام في الجدول الرقراق حولهما فخلعا ثوبيهما فخرج الكذب مسرعا و سرق ثياب الحقيقة، و من يومها و الحقيقة مختفية لا تقوى على مواجهة الناس و هي عارية فغدت تخسف عليها من ورق الغابة ثم توارت في أشجار الغابة، و من هذه الرائعة استُحيت لوحة “الحقيقة العارية “الشهيرة.
ابتداء الخلاف ليس على العبودية،فكلنا يمقت العبودية و نحن مع ضحاياها دون قيد أو شرط، لكن حين يكونون ضحايا حقا.
الضحيتان في هذه القضية هما الحقيقة و شيخنا الشهلاوي، الذي استُقدم لتثبيت واقع فات البعض وجوده و يسعى لخلقه بأي طريقة لأنه مبرر وجوده!
و لذلك وجب بيان مايلي:
1- حول مقبولية الشكاية
لابد لرفع الدعوى أن يكون مقدمها ذو صفة و مصلحة،و
الشكاية المقدمة ضد موكلنا قُدمت فضالة من غير ذي صفة، فزوج الأم ليس ذا صفة في تقديم شكاية لصالح بنات لم يحصل من هن على توكيل مع وجود الأب نفسه.
ثم إن حركة إيرا التي تملأ الفضاء صراخا ليست ذات صفة في التقدم بدعوى لمصلحة الضحايا المفترضين، حيث نصت المادة :23 من القانون رقم:031/ 2015 على أنه: “يمكن لكل مؤسسة ذات نفع عام و كذا كل جمعية دفاع عن حقوق الإنسان و محاربة العبودية و الممارسات الاستعبادية تتمتع بالشخصية المعنوية منذ خمس سنوات على الأقل عند تاريخ الوقائع رفع الدعوى و القيام بالحق المدني في كل النزاعات الناتجة عن تطبيق هذا القانون،دون أن يخولهم ذلك ربحا ماديا.”.
و إذا افترضنا جدلا أن حركة إيرا أصبحت مرخصة بموجب قانون التصريح، فهي غير متمتعة بالشخصيةالمعنوية و لم يمض على ترخيصها 5 سنوات، فالنظام الذي يقيم معها زواج متعة هو نفسه لم تمض عليه خمس سنين!
و رغم ذلك تم لي أعناق النصوص تحت طائلة الترهيب و الترغيب و تم تحريك الدعوى العمومية” بالشفعة” بعد تلقي النظام “كريت مندريش” بأن يتم إسقاط الدولة بتحكم الغوغاء في الجهاز التتفيذي الذي تأتمر به النيابة العامة مقابل بقاء النظام! فحُركت دعوى الأصل أنها لا تسمعُ وبأدلة لا تلمعُ!
وكيل الجمهورية و قاضي التحقيق استجوبا ابنتي ديدي لغطف و نفتا أن تكونا مستعبدتين، فالوقائع المدلى بها لا وجود لها إلا في عقول من صنعوها في أذهانهم ثم صدّقوها متبعين مقولة الوزير النازي الشهيرة :” اكذب..اكذب…حتى يصدقك الناس”!
ذكرني إصرار القوم على وجود حالة استعباد و نفي المعنيين لها بما يقال في النقد السياسي من أن الشرطة في إحدى الدول العربية وضعت قطا فوق الكرباج و الحديد و النار و شرعت في تعذيبه كي ترغمه على الاعتراف بأنه أرنب! القط المسكين يصرخ: “يا جماعة الخير أنا قط، و لست أرنب..”. فيصيحون في وجهه لا…بل أنت أرنب!

الدفاع عن حقوق الإنسان يتطلب مستوى عال من النزاهة الفكرية و الثقةتجعل الشخص  يعترف بالخطأ حين يتضح أن المواقف الأولى بنيت على معلومات غير دقيقة، لكن النخب عندنا تصر على المكابرة و تسجيل النقاط على الوطن الجريح!
حتى المحامي و الحقوقي العيد محمدن، لم ينس نصيبه من استدرار بعض الغوغاء، فكتب تدوينة تسربلت بالأخطاء حتى أصبحنا نحدث النفس :ليته سكت…إجلالًا لمقامه العالي، و سنرد عليها في عجالة مبيّنين هفواتها كما يلي:
– الخطأ المبدئي
يقال إن جميع الأخطاء قابلة الصحيح إلا الأخطاء المبدئية، و قد وقع النائب الموقر في خطإ مبدئي حين بدا ” مَزَزْ ” للمراقبة القضائية و يتأسف على الامتناع عن إيداع متهم مازال برئيا، و المفترض في الحقوقي أنه حريص على صيانة حق الدفاع و مستحضرا دائما لأصل البراءة.
– الخطأ الإجرائي
خلطت التدوينة بين النص الموضوعي (القانون 031/ 2015 و القانون الإجرائي (تدابير التحقيق)، فالصرامة في تطبيق النص المجرم للعبودية يتعلق بالمحكمة و لا علاقة له بتدابير التحقيق!
-الخطأ في الأصل
من أهم المكاسب التي جاء بها تعديل قانون الإجراءات الجنائية لسنة. 2007، هي استثنائية الحبس الاحتياطي، المكرسة بالمادة:138 من قانون الإجراءات الجنائية، و على ذلك فالحبس الاحتياطي استثناء، و الاستثناء لا يتوسع فيه.
ثم إن دواعي الحبس الاحتياطي مقيدة بالخوف من ارتكاب جرائم جديدة، و وجود البنات مع والدهن قاطع لدابر الخوف من جرائم جديدة مصدرها المتهم و نفي البنات لتعرضهن للعبودية ناف للخوف من جرائم مصدرها (الطرف المدني).
ثم إن وضع المتهم تحت تدبير المراقبة القضائية ينفي الخوف من هروبه.
-الخطأ في الفصل بين التهمة و الوقائع!
البون شاسع بين خطورة التهمة و خطورة الوقائع، فقد يتهم الشخص بالقتل العمد، لكن الوقائع تكون بسيطة، و أتفق معكم في خطورة تهمة الاستعباد، لكن الوقائع لا وجود لها أصلا، أحرى أن تتسم بالخطورة.
2-مع. من نكون؟
نحن أمام استحقاق تاريخي بين من آذى و من آوى، بين من تصرّح الفتاة بأنه آذاها بالاغتصاب و شيخنا الشهلاوي الذي آواهما و أمهما حين جار عليهم الزمن كما يقول ماكس فريش .
فعلى حد قول الشاعر العربي:
تجهز فإما أن تزور ابن ضابئ : عميرا و إما أن تزور المهلبا.
هما خطتا خسف نجاؤك منهما:ركوبك حوليا من الثلج أشهبا. 
ما إن صدعت بالحقيقة المرة الذين تراءى لهم السراب ماء،حتى انهال سيل الشتائم و السباب البذيء، لكن معركة الحقيقة المقدسة تستحق كل تلك التضحيات.
أطلق المرجفون عدة حثالات سموها مقالات،لكننا سنترك الرد عليها للأجيال القادمة عسى أن يكونوا ساعتها فرغوا من تعلم قواعد الإملاء.
د.معمر محمد سالم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى