يثير ما يعرف بقانون الرموز جدلا واسعا في المجتمع الموريتاني، خاصة بين النخب والمدونين، حيث يعتبره البعض تصحيحا لممارسات جعلت من السب والقدح سلوكا مجتمعيا تضررت منه العديد من الشخصيات العامة، فيما يرى البعض الآخر أنه آلية للحد من الحريات وتكميم الأفواه.
هذا التباين انتقل إلى البرلمان الموريتاني الذي انقسم نوابه بين مؤيد معارض، ففي الوقت الذي يرى نواب المعارضة أن القانون يحتاج للتحوير وتغيير العديد من بنوده ب وذهبوا إلى أبعد من ذلك بترجمة هذا الرفض بالانسحاب من الجلسة التي خصصت لمناقشة القانون، يعتبره نواب الأغلبية أن القانون ضروري لصون الحريات.
مواقف مناوئة وأخرى مؤيدة
موقف المعارضة من القانون لخصه حزب تواصل عبر بيان نشر مساء أمس قال فيه إن: السلطات والموالاة الداعمة لها تعيد إلى الواجهة من جديد مشروع القانون سيء الصيت، والخطير على الحريات العامة، وحرية التعبير، والذي يحمل اسم “حماية الرموز”، وذلك على الرغم من الهبة الشعبية الشاملة والواسعة التي وضعت حدا لمحاولات تمريره في الأيام الأخيرة من الدورة البرلمانية الماضية.
وأكد حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية أن إصرار الحكومة والنواب الموالين لها على إبقاء مشروع القانون هذا في مسار الإجازة رغم إجماع كل المهتمين بالحريات العامة في البلاد من ساسة، وعلماء ومثقفين وحقوقين، وقانونين على خطورته، وغرابة مضامينه، وتقديسه للمسوؤلين، ومنعه المواطنين من حقهم الطبيعي في تقويم أداء الموظفين العموميين، يكشف نيات المتربصين بمكاسب الشعب الموريتاني في مجالات الحريات العامة، وخصوصا حرية التعبير.
وأضاف: لقد أخذ مشروع القانون مسارا غريبا، سواء في طريقة إجازته من طرف الحكومة، أو سرعة إحالته للبرلمان، وكذا في طريقة محاولة إجازته مجددا، والالتفاف المستغرب على حق النواب في مناقشته بجد، وتقديم مقترحات لتعديل مضامينه المرفوضة.
لقد شحن مشروع القانون بكلمات مطاطة، ومعاني غير جازمة، وتوصيفات قابلة لكل تأويل.
إن محاولة تمرير مشروع القانون الغريب، تأتي في ظل مضايقات متتالية على حرية التعبير، وتوقيف للعديد من الأشخاص بسبب تدوينات أو تسجيلات أو احتجاجات هنا أو هناك عبروا فيها عن استيائهم من أداء الحكومة، أو نقدهم لأداء موظف ما، ليجدوا أنفسهم خلف القضبان، وذلك حتى قبل إصدار هذا القانون الغريب.
إننا في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل”، ونحن نتابع باستغراب واستهجان محاولات الحكومة تقنين التكميم، لنعلن ما يلي:
- نستغرب الإصرار على تمرير مثل هذا القانون بين يدي حوار تتفق جميع الأطراف على أنه ينبغي أن يناقش كل القضايا الأساسية ومن بينها الحريات. 2- ندعو الرئيس والحكومة لسحب مشروع القانون بشكل نهائي، احتراما للحقوق والحريات المنصوصة في الدستور، وفي الاتفاقيات التي وقعت عليها موريتانيا.
- نعتبر أن في القوانين الحالية ما يكفي لصيانة الأعراض والخصوصيات والبلد أحوج إلى ما يعزز الحريات العامة.
4- نطالب كل القوى الحية، وكل أنصار الحقوق والحريات باليقظة، والوقوف ضد كل محاولات التكميم، وتقييد الحريات، سواء عبر محاولات تقنينها، أو حتى ممارستها دون قانون.
- نؤكد أن الشعب الموريتاني الذي ناضل لعقود من أجل انتزاع حقوقه وحرياته العامة لن يقبل التنازل عنها أبدا.
الأغلبية الحاكمة تقدم توضيحا للرأي العام
بدوره تكفل رئيس محكمة العدل السامية النائب جمال ولد اليدالي بالدفاع عن موقف الأغلبية حيث قدم توضيحا للراي العام حول مشروع القانون المتعلق بحماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن.
جاء فيه: نظرا لما تعج به وسائل الاعلام المختلفة منذ فترة من احكام مسبقة ومعلومات مجتزأة حول هذا النص وملابسات نقاشه على مستوى الجمعية الوطنية، اردت،إنارة للراي العام، ان الخص مضمون هذا النص ومحتواه ليتسنى للمتلقي المتجرد مقارنته بما يتلقاه من معلومات حوله في خضم هذه الضجة المفتعلة.
يتكون النص من ثمان (٨) مواد تتحدث اربع (٤) مواد فقط منها عن افعال محددة ونرتب عليها عقوبات. وهذه المواد هي:
المادة ٢ التي تجرم المساس بثوابت ومقدسات الدين الاسلامي والوحدة الوطنية والحوزة الترابية او ازدراء آو إهانة العلم و النشيد الوطنيين.
المادة ٣. تجرم الاعتداء على الحياة الشخصية لاي مواطن في فقرتها الأولى وتستثني في فقرتها الثانية من هذا التجريم انتقاد افعال وقرارات المسؤولين العموميين
بما فيهم رئيس الجمهورية.
المادة ٤. التي تجرم سب وقذف او تجريح جهة من جهات الوطن او مكونا من مكونات الشعب او بث الكراهية بين هذه المكونات او تحريض بعضها على بعض.
المادة ٥. تجرم النيل من الروح المعنوية لافراد القوات المسلحة او زعزعة ولائهم للجمهورية.
إن المتتبع المشفق لما تشهده الساحة الإعلامية الوطنية بمختلف وسائطها منذ سنوات من تطاول على المقدسات وانتهاك لخصوصيات الناس وأعراضهم وحملات سب وشتم ذات طابع جهوي وعنصري وفئوي، يدرك بكل موضوعية ان هذا النص جاء يلبي حاجة وطنية ملحة لحماية المقدسات وصيانة اعراض الناس والمحافظة على السلم الاهلي. وقديما قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ” تحدث للناس اقضية بقدر ما احدثوا من الفجور “.
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””
نص القانون قبل إجراء التعديلات
المادة الأولى: يهدف هذا القانون دون الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في القوانين الأخرى إلى تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، المرتبطة بالمساس بهيبة الدولة ورموزها وبالأمن الوطني والسلم الأهلي واللحمة الاجتماعية والحياة الشخصية وشرف المواطن.
المادة 2: يعد مساسا بهيبة الدولة ورموزها كل من يقوم عن قصد عبر استخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي بالمساس بثوابت ومقدسات الدين الإسلامي أو بالوحدة الوطنية والحوزة الترابية أو بسب أو إهانة شخص رئيس الجمهورية أو العلم أو النشيد الوطنيين.
ويعاقب مرتكب هذه الأفعال دون المساس بالعقوبات الأشد المقررة في قوانين أخرى بالحبس من سنتين (2) إلى أربع (4) سنوات وبغرامة مالية من مائتي ألف (200000) أوقية إلى خمسمائة ألف (500000) أوقية.
المادة 3: يعتبر مساسا بالأمن الوطني كل نشر أو توزيع لمواد نصية أو صوتية أو مصورة عبر استخدام تقنيات ووسائل الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي تستهدف النيل من الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة وقوات الأمن أو زعزعة ولائهم للجمهورية.
ويعاقب على ارتكاب هذه الوقائع بالحبس من سنة (1) إلى ثلاث (3) سنوات وبغرامة من مائتي ألف (200000) أوقية إلى أربعمائة ألف (400000) أوقية.
ويعتبر كذلك مساسا بالأمن الوطني تصوير ونشر وتوزيع صور أفراد أو تشكيلات القوات المسلحة وقوات الأمن أثناء أداء مهامها دون إذن صريح من القيادة المسؤولة، ويعاقب ارتكاب ذلك بالحبس من سنة (1) إلى سنتين وبغرامة مالية من مائة ألف (100000) أوقية إلى مائة وخمسين (150000) أوقية.
لا تطبق أحكام الفقرة السابقة إذا كانت الصور تم أخذها أثناء الاستعراضات العامة أو الصور المنشورة على المنصات والنوافذ الرقمية الرسمية للأجهزة العسكرية والأمنية.
المادة 4: يعد مساسا بالسلم الأهلي وباللحمة الاجتماعية كل توزيع باستخدام تقنيات ووسائل الإعلام والاتصال الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي لمواد صوتية أو نصية أو مصورة تتضمن قذفا أو تجريحا أو سبا موجها لجهة من جهات الوطن أو مكون من مكونات الشعب أو تبث الكراهية بين هذه المكونات أو تحريض بعضها على البعض.
ويعاقب مرتكب هذه الأفعال دون المساس بالعقوبات الأشد المقررة في قوانين أخرى بالحبس من سنتين (2) إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من مائتي ألف (200000) إلى أربعمائة ألف (400000) أوقية.
المادة 5: يشكل مساسا متعمدا بالحياة الشخصية كل تسجيل بالصوت أو بالصورة عن قصد دون علم الأشخاص المعنين وكذلك نشره وتوزيعه بأي وسيلة وعلى أي دعامة أو منصة رقمية بغية إلحاق الضرر بهؤلاء الأشخاص أو بشرفهم.
وكذلك كل تجريح لمسؤول عمومي يتجاوز أفعاله وقراراته التسييرية إلى ذاته وحياته الشخصية أو إفشاء سر شخصي دون إذن صريح من المعني، وكل انتاج أو نشر أو توزيع لقذف أو تجريح أو سب أو نسبة وقائع غير صحيحة إلى شخص.
يعاقب ارتكاب هذه الأفعال بالحبس من سنة (1) إلى سنتين (2) وبغرامة من ثمانين أولف (80000) أوقية إلى مائتي ألف (200000) أوقية.
المادة 6 : في حالة العودة فإن العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون ترفع إلى الضعف.
المادة 7: تمارس النيابة العامة الدعوى العمومية لتطبيق العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون بشكل تلقائي كما يمكنها ممارستها بناء على شكاية من المتضرر.
المادة 8: تلغى كافة الأحكام السابقة المخالفة لهذا القانون.