sliderالمبتدأ

إلى أين يتجه الوضع في الجارة الشقيقة مالي وهل يعي العالم حجم الخطر؟

كتب: أحمدو ولد أمبارك

يقترب الوضع في هذه الأيام في مالي من الحالة التي سبقت التدخل الفرنسي من خلال عملية سرفال (2013)، بعد أن كادت باماكو تسقط في يد الجماعات المتطرفة، بعد أن احتلت مدينة كونو 10يناير 2013، والتي لا تبعد سوى 600 كلم من باماكو، حيث كان الوضع العلميات للجيش المالي في حالة من التدهور لا يمكنه معه توقيف الزحف نحو العاصمة.
ورغم أن الحركة الوطنية لتحرير أزوادMNLA)) كانت صاحبة المبادرة، حينها، في إعلان استقلال أزواد في 6 أبريل 2012، فإنها سرعان ما وجدت نفسها مهمشة من قبل التنظيمات المتطرفة.

الوضع الحالي أكثر تعقيدا، فهناك صراع دولي في الساحة المالية، فبعد أن دعمت روسيا حكومة الجنرال أسمي كويتا، قامت أوكرانيا بدعم الإطار الاستراتيجي الأزوادي بطائرات بدون طيار، مما كان له التأثير البالغ في العمليات في الميدان وتسبب في الهزيمة الكبيرة للجانب المالي وقوات فاغنر في معركة تنزواتين نهاية أغسطس 2024.
وما فتئت الجماعات الأزوادية تنشر في مواقعها، عمليات هذه الطائرات في وسط مالي وغيره. وقد أكدت كبريات الصحف الغربية (لموند وغيرها) حصول الأزواديين على هذه الطائرات من أوكرانيا.
كما أن عمليات “المتطرفين” وصلت حتى العاصمة باماكو بعد هجوم كتيبة ماسينا (التباعة للنصرة، فرع تنظيم القاعدة في الساحل الافريقي) على مطار موديبو كيتا وقاعدة الدرك 17 سبتمبر 2024. وسط العاصمة.

السؤال المطروح اليوم، هل بِزَجِ الجانب الروسي بالفيق الافريقي التابع مباشرة لوزارة الدفاع الروسية في مالي، بداية هذه السنة، سيتغير معه الوضع التكتيكي في الميدان، بعدما فشلت فاغنر في ترشيح الكفة لصالح الجيش المالي؟ وهل ستتقهقر الجماعات المتطرفة وتنسحب بعيدا، كما وقع بعد التدخل الفرنسي؟

الميزات التي كانت لدى الفرنسيين لا يتوفر عليها الجانب الروسي الغريب عن المنطقة، حيث أنه لا يعرف الأرض وتعقيداته العرقية كمعرفة الفرنسيين بها، إضافة إلى العقيدة القتالية المختلفة وحاجز اللغة. يضاف لذلك أن الفرنسيين، لم يكونوا مضايقين من جهات دولية أخرى فكانت الساحة خالية لهم.

ما يبدو في الأفق أن الجانب الروسي لا يمكنه الحسم في الميدان في ظل عدم تفوقه المطلق في المجال الجوي، فليس وحده من يمتلك سلاح الجو ووسائل التشويش عليه. في حين أن الفرنسين عند تدخلهم 2013 كانت الجبهات الأزوادية، التي تملك الآن الطائرات بدون طيار، في مرحلة التقاتل مع الجماعات “الجهادية” ورحبت بالتدخل الفرنسي، إن لم تكن قد دعمته خفيا.

المستقبل: إما الفوضى أو الحكم الذاتي؟

إن الجماعات الأزوادية تحمل في طياتها بذور الاختلاف والشقاق مما قد ينتج عنه تقاتل في المستقبل في حال ما إن رشحت الكفة لصالحها، بينما الجماعتين المتطرفتين في مالي (داعش والنصرة) بينهما حروب ومعارك دائمة. وبالتالي فإن الاقتتال والفوضى لا مناص منه بين جميع الجماعات التي تقاتل اليوم الجيش المالي ومن المرشح أن تكون الغلبة للجماعات المتطرفة.
كل هذا يعني أن لا سبيل أمام الجهات الدولية والإقليمية، سوى خيار واحد، هو السعي كل في مجال نفوذه، للضغط على الجماعات الأزوادية والحكومة المالية معا، من أجل فرض خطة للسلام تقبل بموجبها كل من الحكومة المالية والجماعات الأزوادية أن تتحول جبهة تحرير أزواد وروافدها المختلفة إلى قوة سياسية وعسكرية تتبع للدولة المركزية في باماكو من خلال حمك ذاتي موسع.
فالأزواديون بمهارتهم القتالية وقوة شكيمتهم وحدهم القادرون على مواجهة الجماعات المتطرفة في إقليم أزواد خصوصا إن وفر لهمم الدعم المطلوب، ولم تعد المبررات الموضوعية للخروج على باماكو موجودة، بحيث يعود الشعب الأزوادي لقراه.
وفي حال وجود حساسية لدى بعض دول الجوار من منح حكم ذاتي للأزواديين، خشية انتقال المطالب إلى أراضيها، قد يكون الحل في تشكيل حكومة موسعة تضم جبهة تحرير أزواد، مع منحها مسؤولية حفظ الأمن في شمال مالي، بما يحقق الاستقرار دون تأجيج النزعات الانفصالية
هذا السناريو، بصغتيه، يحقق من جهة للدولة المالية حلمها القديم والجديد، بأن تكون باماكو تسيطر على الرقعة الجغرافية للدولة بأكملها وهو مالم يتحقق عبر التاريخ، ومن جهة أخرى يبعد العالم بأسره أن يتجرع مرة أخرى مرارة تجربة أفغانستان.

يتتابع

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى