
“الوزراء يتغيرون، والدكتاتوريون يموتون، لكن الجبال تبقى، والأنهار تواصل جريانها في مجاريها.”
– هالفورد ماكندر
تصريح معالي الوزير الأول السنغالي بشأن المعاملة بالمثل لا يجب أن يُقرأ بلغة التصعيد، بل يُفهم كباب مفتوح لإعادة التوازن إلى العلاقات بين بلدين تجمعهما الجغرافيا والتاريخ والدين المشترك.
ومن هذا المنطلق، نقترح على الحكومة الموريتانية أن تتفاعل مع هذا المنطق عبر النقاط التالية:
1. في الإقامة: دعوة السنغال لإحصاء الموريتانيين المقيمين على أراضيها، لتقوم موريتانيا بفتح نفس العدد من تصاريح الإقامة للسنغاليين. هذا هو مبدأ المعاملة بالمثل كما تفهمه الأعراف الدولية.
2. في الموارد: بما أن عشرات الآلاف من السنغاليين ينشطون في الصيد بالمياه الموريتانية، فمن العدل أن يُسمح لرجال الأعمال الموريتانيين بالاستثمار الزراعي على الضفة السنغالية من نهر السنغال، بما يعزز التنمية المشتركة ويعكس التكافؤ في المصالح.
3. في السيادة والرمزية: سبق لرئيس الوزراء السنغالي نفسه أن صرح بأن “مياه النهر تعود كلها للسنغال”، وهو ما يدفع للتذكير بأن امتداد إمارة الترارزة الموريتانية كان يصل حتى “أندر”، حيث لا تزال صالة الأمير محمد لحبيب قائمة، شاهدة على تاريخ مشترك لا يُختزل في الحدود المعاصرة.
4. في التوثيق المدني: نقترح تبادل قواعد البيانات البيومترية بين البلدين، لمنع التجنيس غير المشروع وضمان الشفافية والتمييز بين المقيم والمواطن.
ختامًا: إذا كان مفهوم المعاملة بالمثل لدى معالي الوزير الأول يعني فتح موريتانيا حدودها أمام موجات الهجرة، فإننا جميعًا سنكون خلفه، لمساندته في الضغط على المملكة العربية السعودية لفتح أبواب البلاد المقدسة أمام المسلمين دون شرط ولا قيد.
فالإقامة عندنا جميعًا هناك، في البقيع والحرميْن، أولى وأكرم من كل إقامة في هذه الأرض.
فهل المعاملة بالمثل تبدأ من الحدود الجغرافية، أم من القيم التي نؤمن بها جميعا؟