صحافة المواطنهاشتاق
زيادة الأسعار أمر بالغ الخطورة
في اكتوبر 1992 قررت الحكومة الموريتانية، تحت ضغط صندوق النقد الدولي، تخفيض قيمة الاوقية مقابل العملات الاجنبية. مباشرة بعد ذلك اندلعت مظاهرات تم قمعها بالقوة.
بعد أقل من ثلاث سنوات وتحديدا في الثامن عشر يناير 1995 قررت الحكومة استحداث ضريبة جديدة، دائما تحت ضغط صندوق النقد، وهي ضريبة القيمة المضافة TVA. انعكست هذه الخطوة بشكل مباشر على اسعار المواد الأولية التي شهدت ارتفاعا صاروخيا، لتندلع بعد ذلك المظاهرات التي ستعرف في ما بعد بأحداث الخبز.
حاولت الحكومة مبكرا إقناع التجار بالعدول عن زيادة الأسعار ولكنها لم تنجح، تزامنا مع ذلك قررت المعارضة تصعيد موقفها وتأجيج نيران المظاهرات، وفي نفس الوقت خرج الرئيس الأسبق المختار ولد داداه رحمه الله عن صمته، لأول مرة منذ الإطاحة بحكمه سنة 1978.
في بيان تم نشره في مدينة نيس الفرنسية يوم 24 يناير، أي بعد أقل من اسبوع من اندلاع المظاهرات، تحدث الرئيس المختار عن “فشل النظام الحاكم في إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها المواطنون، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية”.
ويبدو أن نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع كان يتربص لفرصة كهذه، إذ سرعان ما أجاب بشراسة فاقت كل التوقعات، حيث وضع البلاد في حالة طوارئ مع حظر للتجول ليلا، وتم توقيف زعيمي المعارضة آنذاك، أحمد ولد داداه رئيس اتحاد القوى الديموقراطية/عهد جديد وحمدي ولد مكناس رحمه الله، رئيس الاتحاد من اجل الديموقراطية والتقدم.
هذا على الصعيد الداخلي، أما ديبلوماسيا فقد كثف النظام اتصالاته مع الشركاء والممولين، متحدثا عن “مؤامرة تم تدبيرها في الخارج من أجل زعزعة البلاد”.
على غرار موريتانيا، تتسبب زيادة الاسعار دائما في زعزعة الأنظمة بغض النظر عن مسببات الزيادة، حيث كانت السبب المباشر في سقوط حكومات واندلاع ثورات، مثل ما حدث في تونس ومصر سنة 2011.
وعليه فزيادة الأسعار أمر بالغ الخطورة ولا يمكن علاجه بسياسة النعامة (نكران الأمر الواقع) ولا بالتجاهل في انتظار مرور الزوبعة، وإنما باتخاذ اجراءات سريعة وجريئة، يكون لها الأثر المباشر على جميع طبقات المجتمع خصوصا الأكثر هشاشة، كما يتذكرها الناخبون يوم يتوجهون إلى صناديق الاقتراع.