
دريهمات معدودات.. كان هؤلاء آلاف الشباب ، العديد منهم خريجوا جامعات لكن دفعتهم الظروف ، كانوا يرسلون مبالغ من ازويرات الي ذويهم في مختلف ولايات الوطن عقب تصفيتهم لجرامات يتحصلون عليها بعد جهد جهيد و معركة مع الآبار و النقل و التصفية و البلدية و السلطات و شركة معادن ، فبعد كل هؤلاء ” أطراف المعركة ” ، يخرج المنقبون بمبالغ فيسعفون بها اهاليهم المحتاجون اليها .
وفجأة و منذ أكثر من شهر توقف المدد و مساعدة هذه الأسر وتوقف النشاط و انقطع انتاج الذهب و السبب هو الصراع بين الأطراف : البلدية ، المنقبين ، اصحاب المصانع ، شركة معادن.
فقد رفض اصحاب المصانع و الناقلين و المنقبين و كل العاملين في الميدان ، رفضوا ضريبة البلدية الجديدة ، فبدل ان كانوا يدفعون للميزان 3000 اوقية قديمة عن كل طن لنقله الي منطقة المصانع ، اشترطت عليهم البلدية مجددا دفع 6000 اوقية قديمة ، الشيء الذي رفضه الجميع ، فتوقفت المصانع عن انتاج الذهب و تعطل النشاط كله في المنطقة و لا يزال متوقفا .
والضحية هم هؤلاء الشباب و آلاف الأسر التي يعيلون عليها ، الدولة كذلك ممثلة في شركة معادن ضحية ، فلما يتوقف انتاج المصانع يتوقف دخل شركة معادن و هو دخل مرتفع و مبلغ ضخم : نسبة مبالغ فيها ( 11% ) تقطعها شركة معادن من ثمن كل سبيكة ذهب ، و هي نسبة عالية مجحفة بالمواطنين و الاجانب العاملين في المجال.
ومقارنة بالدول المجاورة المنتجة للذهب مالي و غينيا و غانا و غيرها ، يجد الكل ان شركة معادن تحصد المليارات علي ظهور المنقبين و اصحاب مصانع الذهب ، فالنسب المعهودة في كل هذه الدول لا تتجاوز 7% تدخل فيها الوزارة ، الجمارك ، و الضرائب و كل الجهات المعنية .
بينما في موريتانيا فان الدولة تقطع 11% من الذهب الناتج من المواطنين المنقبين الضعفاء بوسائلهم التقليدية (مولد ، حفر يدوي ، بئر ، دلو …. ) من خلال مصانع الذهب الوطنية و الاجنبية ، فكلهم يدفعون تلك النسبة 11%
باستثناء مصنع شركة كينروس الكانادية فانه يدفع للدولة فقط نسبة 7%
فما الحكمة من فرض هذا الفرق في النسب ، و ما هي الحكمة من توقيف المصانع عن الانتاج و فرض عليهم الضريبة الجديدة علي الميزان ، و كذلك الآليات فلماذا يمنع المنقبون من استخدامها في الميدان ؟
فاذا كانت المسألة تتعلق بالنصوص و القوانين الخاصة بالتعدين الاهلي و شبه الصناعي ، فالحل بسيط و هو بيد الدولة، فتقوم الوزارة او شركة معادن بقطع لكل مجموعة من الآبار مربع 2 كلم مربع , فتصبح آبارهم تلقائيا خاضعة لقانون المنجم الصغير ، فيسمح لهم بإدخال الآليات اذا قدروا علي ذلك ماديا ، أو يتنازلون عن مربعاتهم لشركات اخرى مقابل مبالغ يستفيدون منها، فتبدأ تلك الشركات بإدخال الآليات و تبدأ في الحفر و استخراج المخزون الهائل من الذهب.
فلعل هذا يكون حلا منصفا لهؤلاء اصحاب الآبار ، التي عانوا من أجلها و تمسكوا بها لسنين ، و من جهة اخرى فلعل اعادة النظر في صلاحيات شركة معادن يكون ضروريا و ذلك لأجل تنظيم القطاع.
فالبعض يتساءل ، هل شركة معادن هي وزارة ثانية للمعادن ، فقد قتلت وزارة المعادن و سحبت معظم مراسيمها و قوانينها و خاصة المتعلقة بالذهب و التعدين الأهلي.
ثم أليس من الانسب و الأفضل أن تظل شركة معادن عونا للوزارة و تحت وصايتها ، بدل أن تأخذ قوانينها و تسحب البساط من تحتها ، لتترك دورها علي الاقل في التعدين و الذهب دورا رمزيا ؟
من جهة اخرى فان بعض اصحاب مصانع الذهب و المنقبين و المواطنين المستثمرين في مجال الذهب مستاؤون من موضوع التأشيرات الالكترونية، فعشرات المستثمرين القادمين للاستثمار في مجال الذهب و غيره بقوا عالقين بسبب التأشيرة الالكترونية، طوابير بعضهم منذ أكثر من شهر ينتظرون صدور التأشيرة الالكترونية لدخول موريتانيا ، فلماذا هذه العراقيل و البلد في حاجة لاستقطاب المزيد من المستثمرين.
ختاما ، فهل من اصلاحات عاجلة و تدخل من الدولة لتنظيم قطاع التعدين و اتخاذ قرار بإلغاء علي الأقل هذه الضريبة المبالغ فيها , ضريبة البلدية و شركة معادن ( 6000 ) أوقية قديمة علي الطن المرحل , وذلك كي يزاول اصحاب المصانع و المنقبين نشاطهم مجددا ، فيدخل الذهب الي الأسواق و تتحرك السيولة و ينتعش حال المواطنين و تستفيد الدولة ( شركة معادن ) استفادة عقلانية غير مجحفة و يستفيد المواطن استفادة مريحة مشجعة.
.البشير ولد سليمان ( ضابط طيار سابق )
استشاري مستقل في مجال المعادن و قضايا الاستثمار و جلب المستثمرين لموريتانيا و دول غرب افريقيا
Email : alhadaffzc@gmail.com





